
اتسمت الاستراتيجية المصرية في حماية الأمن القومي بكثير من الحكمة والصبر وضبط النفس، رغم أن هدف أشرار الخارج والداخل هو جرجرة مصر وتوريطها بأي شكل من الأشكال في الحرب على غزة، أو الحروب المشتعلة حولها، وآخرها مسألة تهجير الفلسطينيين من غزة ونقلهم إلى وجهة كانت مصر – سيناء – المرشحة لها.
وبفضل الله سبحان وتعالى وحكمة القيادة السياسية، التزمت مصر بخط السلام والعمل على إطفاء الأزمات والصراعات في المنطقة، وهذا ما أكده الرئيس في كلمته أمام طلبة أكاديمية الشرطة، حيث أكد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما يكرر في كل المناسبات، للكليات العسكرية أنه رغم التهديدات والتحديات المتزايدة، فإنه لا يمكن لأحد المساس بأمن مصر، وتأكيده بضرورة التصدي للشائعات والأفكار الهدامة. وأشاد الرئيس بصلابة وتماسك الجبهة الداخلية وأهمية زيادة الوعي والإدراك الصحيح للأوضاع والتهديدات.
هذا وتواجه مصر تحديات كبيرة غير مسبوقة تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، مع اشتعال الأوضاع على كل الحدود المصرية في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من صراعات وحروب وأزمات في الكثير من دول المنطقة، إضافة إلى خطر الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وتزايد التدخلات الخارجية في شئون دول المنطقة، والتي تذكي الصراعات والحروب. وجاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومخططات تهجير الفلسطينيين، ليزيد من تحديات الأمن القومي. وبالتزامن مع ذلك، استمر اشتعال الأوضاع والصراع في السودان وليبيا، وتوترات البحر الأحمر تزايدت بشكل كبير في أعقاب الهجمات الأمريكية الأخيرة على جماعة الحوثي في اليمن.
وفى ظل كل هذه التهديدات، ظهر تماسك وصلابة الجبهة الداخلية المصرية، إذ أنها ضرورة قصوى، وأحد صمامات الأمان التي أسهمت في حماية الأمن القومي المصري وشكلت حائط صد أمام محاولات زعزعة الاستقرار المجتمعي عبر الشائعات الهدامة والأكاذيب، حيث أدرك الشعب المصري بفطنته أن حجم التحديات والمؤامرات التي تحيط بمصر تستهدف كسرها. ولذلك، فإن التكاتف بين الشعب المصري والدولة المصرية ومؤسساتها، وعلى رأسها القوات المسلحة والشرطة.
وهذا ما شعرنا به خاصة في شهر رمضان وصيام المسيحيون والذي أسميته “الصيامين” فوحدة الأمة وتكاتفها يمثل الحصن المنيع ضد أي محاولات لتهديد الأمن القومي المصري لأن أشرار الخارج أو في الدخل يهمهم تمزيق الجبهة الداخلية، واللعب على وتر الفتنة الطائفية وهي كلمة لم نعد نسمعها رغم بعض المنغصات.
ولا شك في أن الاستراتيجية المصرية في حماية الأمن القومي ترتكز على تعزيز قدرات القوات المسلحة ليعد من أقوى جيوش المنطقة استعداداً وتمريناً وخبرة، إضافة إلى الدبلوماسية المصرية النشطة الناعمة والحكيمة، والتي تتحرك في جميع الاتجاهات لتسوية الأزمات والصراعات في المنطقة عبر الطرق السلمية.