مقالات مختارة
وثيقة الأخوة الإنسانية والعيش المشترك
مرت عشر سنوات على تأسيس بيت العائلة المصرية (2011-2021) وكذلك مرت ثلاث سنوات على توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية” التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا فرنسيس بابا روما في أبو ظبي في فبراير 2019 برعاية دولة الإمارات وبهاتين المناسبتين دعا مركز الهناجر للفنون إلى ندوة تحت إدارة السيدة الفاضلة الدكتورة ناهد عبد الحميد مديرة ومؤسسة الملتقى تحت عنوان “وثيقة الأخوة الإنسانية والعيش المشترك” وشارك فيها شخصيات مصرية إسلامية ومسيحية من تخصصات مختلفة لها باع طويل وغيرة وطنية لتأصيل العيش المشترك في مجتمعنا المصري.
كانت مداخلتي المتواضعة حول كيفية ترسيخ مبادئ تلك الوثيقة بين البشر ودورها في مناهضة كل ما يؤدي إلى خطابات الكراهية فأكدنا على الآتي:
- أن المصريين لا يعرفون الفواصل بين مجموعة وأخرى مثل بعض الدول التي نصفها بالمتقدمة حيث في تلك الدول يعيش أصحاب الديانات المختلفة والإثنيات في جيتوهات تفصلهم عن بعض رغم أنهم يعيشون على أرض واحدة، أما في مصر المصريون كلهم نسيج واحد وعادات واحدة واندماج كلي ومحبة فائقة تصل لدرجة العشق للوطن الواحد.
- أهمية توعية الشباب بأهمية العيش المشترك الذي يعمل بيت العائلة على تأهيله وكذلك المبادئ الإنسانية الواردة في الوثيقة وقد طالبت أن تدرس تلك المبادئ في المدارس والجامعات حتى تعمل على توعية الشباب الصاعد ولا يكون عرضة لأفكار غريبة عن مجتمعنا، فهو عمل طويل الأمد.
- بجانب التعليم علينا أن نعمل على التكوين الإنساني ليس فقط في نطاق الفصول ولكن في نطاق أوسع فنوفر للشباب خاصة الأنشطة الثقافية والمعرفية والعلاقتية والترفيهية تؤهلهم على ممارسة “قبول الآخر” ليس قولاً بل فعلاً وقبول الأخر كما يريد الأخر أن يقدم ذاته ويتم قبوله والتعامل معه مهما كان مختلفاً فنرى فيه الإنسان الذي خلقه الله سبحانه وتعالى.
- ولممارسة هذا على أرض الواقع ننطلق من نقطتين أساسيتان الأولى احترام حرية الإنسان وتقول الوثيقة في هذا الصدد “أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقاداً وفكراً وتعبيراً وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلاً ثابتاً تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر”.
وقد أشار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ذلك عدة مرات، وذلك لتأصيل الفكرة الثانية وهي أعلاء قيمة المواطنة والتي نعيشها فيما بيننا كمصريين ولا تكون ممارسة حكومية أو في القوانين والوثائق فحسب بل واقع معاش في ممارسته اليومية.
نرى أن مصر الحضارة تستطيع أن تكون المثل الأعلى فمصر بقوتها الناعمة تستطيع أن تعلم كثير من الدول مبادئ العيش المشترك وقبول الآخر وتحطيم الحواجز بين الناس من أجل الهدف الأسمى وهو “الإنسان” ورقيه وتقدمه وتحضره.
الأب رفيق جريش