بمناسبة دخولنا زمن الصوم وعيد الميلاد، يأتي إنجيل المرأة المنحنية الظهر (لو13: 10-17) ليعطينا توعية مهمة لحياتنا الروحية، وهو أن تجسد الرب يسوع المسيح يجعل من الإنسان المنحني إنساناً منتصباً، إنساناً صاعداً وليس انساناً متقوقعاً مثل هذه المرأة منحنية الظهر التي ظلت 18 سنة لا ترى إلا تحت أرجلها. يأتي يسوع المسيح لكي يرفعها، ويأتي لنا لكي يرفعنا. فكل واحد منا يمكن أن يكون منحني الظهر بسبب آلامه وصعوباته ومصائبه. فإذا وجد الرب يسوع في حياتنا، فهنا ننتصب ونقوم، ونكون مثل هذه المرأة التي رأت السماء بعد 18 سنة منحنية الظهر .
بهذه المناسبة أيضاً، أحب أن أشارك معكم بعض النقاط التي تجعل الإنسان المسيحي يرتفع وينتصب وينضج ويكبر في الايمان :
أن يكون الإنسان المسيحي أصيلاً وصادقاً، أي لا تتغير شخصيته أو تختبئ وراء قناع، غنياً مع الغني، وفقيراً مع الفقير. وفي الكنيسة له قناع وخارجها بقناع آخر، بل تظهر شخصيته الحقيقية ومدى انسجامها مع ذاته وتكون في “الحق” ولا نتورط في الأكاذيب مثل يهوذا، الذي ظن أن يسوع هو ملك أرضي وهو يعلم أنه ملك سماوي، اختبأ وراء قناع أنه أمين ومسؤول عن صندوق التلاميذ، وهو في الحقيقة سارق لهذا الصندوق وكان نتيجته أنه شنق نفسه .
احترم ما تؤمن به وتصرف على أساسه، وكن أميناً لذلك. في بعض الأوقات نتوارى فيما نؤمن به. فأنت كونك مسيحي، عليك ألا تتوارى وتؤمن وتعلن أن يسوع المسيح مخلصاً، اعلن إيمانك، لا تختبئ، اذهب إلى المنتهى مثل بطرس وبولس، كل واحد منهما كان له خبراته وصعوباته، ولكنه بقى للنهاية، وهذا الذي جعلهما شهيدين بذلا حياتهما للكنيسة الأولى .
اقبل أخطائك وخطاياك بتواضع لأن الرب يسوع المسيح يحبك برغم خطيتك، يسوع لا يحب الخطيئة ولكن يحب الخاطئ ويرحمه، ويسوع دائماً واقف على باب قلبك ينتظره ويقرع عليه ويقول له أنا هنا موجود لك ومعك، لكي انتشلك من خطاياك وأجعلك منتصباً. هناك فرق بين إني أمثل التواضع وبين إني أتواضع. المتواضع هو الذي يكسر في نفسه الأنا من أجل محبة الرب يسوع المسيح. والتواضع أول خطوة نحو النمو والتحسين .
عش شغفك وأفرح به لأن الرب هو الذي أعطاك هذه العطايا والمواهب نميها وكبرها “انموا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها”(تك 1: 28).إن الإنسان مدعو منذ اللحظات الأولى أن ينمو ويكبر وأن يحرث، فأنشطتك هي نبع وقوة دفع لتكون خلاقاً وتشترك مع الله في الخلق من خلال الزواج، في حرث الأرض، في كتابة الكتاب المقدس الذي هو عمل مشترك بين الله والانسان.
كن نشطاً، لا تجلس في محيطك المربع، بل تحرك جسدياً وذهنياً وجدد طاقتك، لتنتقل نحو الآخر. أنت مرسل للآخر مثلما الرب يسوع المسيح أتى من أجلنا و إلينا.
لا تذل أبداً الأخرين. حاول أن تتناسى إذ أحد عمل شيء محرج ولا ترد طلب أحد في المساعدة وإذا لا تستطيع أن تساعده تجد من يستطيع أن يساعد .
أيضاً خذ وقتك مع الأشخاص استثمر وقتاً في العلاقات ذات جودة عميقة وليس علاقات سريعة أو سطحية أو هشة مع عائلتك وأصدقائك وأعضاء كنيستك والبسطاء. فالبسطاء، وليس الفقراء فقط، ولكن الذي في بيته ولا يستطيع أن ينتقل أو يتكلم ومنتظر أن تذهب إليه، يجب أن تكون حاضراً له، ولذلك مهم أن الإنسان يرتب أولوياته دائماً ليعطي أولوية لمحبة الآخر مثل يسوع المسيح الذي كان يأخذ وقته مع الزناة والعشارين والتلاميذ الذي كان يشرح لهم كل شيء .
أفعل كل شيء بمحبة، وتقول القديسة تريزا “حتى تكبر في عيون الله” لا تفعل شيء تفعله بدون محبة، اي عمل يجب أن يعمل بمحبة حتى لو متضايق منه حتى تعمله صح، وتكبر في عيون الله. المحبة تعطي معنى لكل ما تفعله، المحبة دائما تأتي بثمر .
الصلاة. هذه العلاقة مع الرب هي “هدية”، ونحن نسير نحو زمن الصوم وانتظاراً لمجيء المسيح مهم جداً أن نراجع انفسنا من خلال الصلاة، مهم أنه يكون زمن توبة وزمن تغيير ذهني وروحي لنا. يسوع يقول “وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ.” (مت 21: 22). يجب أن يكون عندنا الإيمان أن الصلاة قوة وأن الرب يستطيع من خلال الصلاة أن يقوينا ويساعدنا. ولكن نحن من نضع أشياء تشوش علينا وننسي أن نُصمت هذا الضجيج الذي في عقولنا لكي نسمع صوت الرب .
فالله ضعه في الأول الله يكلمنا ويجب علينا أن نكون منتبهين ونكون واعيين لإشارات الله لنا في حياتنا .