نحن نكرر السلام عليك يا مريم يا ممتلئة النعمة – خاصة في المسبحة، بينما الملاك قال في نص البشارة “سلام لك أيتها الممتلئة النعمة، الرب معك” أو “افرحي”. ولكن لو قرأنا نص إنجيل (لو 1: 28) يعطي الملاك لمريم أسماً جديداً “يا ممتلئة النعمة” قبل أن يقول لها “لا تخافي يا مريم” لأنها اقتبلت “ملء النعمة” لأن الله طبيعته مليء النعمة وهي قبلت هذه النعمة في أحشائها، فأصبحت ممتلئة النعمة، مريم ليست نعمة بحد ذاتها ولكنها ممتلئة نعمة.
ممتلئة النعمة معناها من تفيض بالنعمة، أي أن مريم ممتلئة ومغمورة بحضور الله، أي مسكن الله، والنعمة في العهد الجديد أخذت معنا جديداً،لأننا عبرنا من عهد الشريعة إلى عهد النعمة (رو 6: 14-15(.
النعمة هي عطايا مجانية وسخية من الله، لأن هو مليء النعم، أي أن مريم ممتلئة من عطايا الله السخية التي في الله، لأنه رحيمورؤوف وطويل الأناة وحنّان القلب.
وكل ذلك ظهر في يسوع المسيح، ومن ثم في مريم وفينا من يوم عمادنا،”لأن الله بموسى أعطانا الشريعة… أما بيسوع المسيح فوهبنا النعمة والحق”. (يو 1: 16) يفتح الاسم الجديد تاريخاً جديداً مع الإنسان “لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ” (غلاطية 4: 4(.
هي حياة جديدة، وتغيير الاسم معناه رسالة جديدة، مثل بطرس-سمعان.. بولس-شاول، إبراهيم-إبرام، بينما الخطيئة تحُجر القلوب، وخاصة عدم المحبة التي تغلقه وتجمده وتجعله رويداً رويداً بدون محبة، فيذبل.
وسر مريم هو الإصغاء إلى الله والحوار معه، والكلمة تجسد في أحشائها وحياة التسليم لله، لأنها تمتلئ منه، هي تحمل في ذاتها سراً لم تكن هي نفسها تعرفه، وهو سر الخلاص، لتصبح أم الفادي، إيمان مريم هو إيمان شعبها أو البقية من شعب إسرائيل أي البسطاء الذين كانوا ينتظرون الخلاص والفداء.
مريم أيقونة الكنيسة وإيمانها التي تتمحور حول المسيح وتجسد محبة الله للبشرية كلها. الله يبادر، كما فعل مع مريم: دخل بيت مريم ويختار أن يدخل إلى بيوتنا، ويقتحم مصاعبنا فيدخل ليعطينا الفرح والرجاء ولنمتلئ منه.
ونحن كما قالت مريم “نعم”،نمتلئ نحن أيضاً من النِعم التي يغمرنا الله بها، خاصة عندما نتناول جسد ودم الرب. قل لنفسك أنا ممتلئ نعمة من النعم التي يعطيها الله لي، بل نفتخر بها “به دخلنا الإيمان إلى هذه النعمة التي نُقيم فيها ونفتخر على رجاء المشاركة في مجد الله” (رو 5: 2)، ففي نعمة الله ينجح الإنسان في تحقيق ذاته ورسالته وهذا ما فعلته “الممتلئة النعمة”.