Uncategorized

قدّيسةٌ من أرض النيل (1)

ندوتان إحداهما في الإسكندرية والأخرى في القاهرة بهدف الإعلان والتعريف عن آخر التطوّرات في شأن دعوى تطويب خادمة الربّ الأخت ماري دى بيتاني (نيللي بيغيان) ۱۹٠۱- ۱۹٤٥. ترأّس الندوتين سيادة المطران كلاوديو لوراتي، مطران الكنيسة اللاتينيّة في مصر خلال شهر يونيو ٢٠٢٢.

شارك كلٌّ من سيادة المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندريّة للأرمن الكاثوليك، والمونسينيور أنطوان توفيق، نائب مطران الكنيسة اللاتينيّة ومسؤول المحكمة الكنسيّة المعنيّة بدعوى تطويب الأخت ماري دى بيتاني.

كما شاركت أيضًا الأخت جورجيت جرجوري، الرئيسة العامّة لراهبات المير دى ديو، والأخت ماري كريستين فيلبّس، رئيسة دير راهبات المير دي ديو بالإسكندرية، والمكلّفة من قبل الرهبنة بإعداد ملفّ تطويب الأخت ماري دى بيتاني، والأخت ريتا خوري رئيسة دير راهبات المير دي ديو في القاهرة، والأخت برناديت روسّوني، المسؤولة عن الملفّ، ونائبها الأب باتريك الكرمليّ والمسؤول عن البعد الروحيّ، كما الأب كميل وليم المسؤول عن اللجنة التاريخيّة، والأب ميلاد صدقى زخارى المسؤول عن البعد اللاهوتيّ، بالإضافة إلى عدد من الآباء الكهنة، والرهبان والراهبات من مختلف الرهبانيات والعلمانيّين.

كان للأسقف كلاوديو لوراتي كلمة الافتتاح حيث وصف هذا الوقت بمحطّة مهمّة للتعرّف والتأمّل بحياة خادمة الربّ، وقال: “لكأنّنا نستخرجُ لؤلؤةً من التراب فلا نوفّر أيّ جهد أو وقت أو عمل. آن الوقت لنستخرج هذا الكنز المدفون والذي كان بانتظارنا منذ وقتٍ طويل. ما هو خيّرٌ هو محفوظٌ عند الربّ ولا يُفقدُ أبدًا لأنّ الربّ راعيه”.

أمّا الأخت جورجيت جرجوري فقد قالت: “نيللي بيغيان خادمة الربّ، هي فتاة مسكونيّة. وها نحن نتابع مسيرة تعريفنا بماري دى بيتاني التي قدّمت حياتها لقداسة الكهنة. هناك يدٌ تشرّع أمامنا الطريق فنتقدّم بثقة وبحوزتنا علامات عديدة، نعرِّفُ من خلالها بماري دي بيتاني كرسولة قلب مريم. معها نرفع الصلاة ونقول: “بحمايتك يا مريم ليحمل الكهنة ثمار السلام”. لنُمسكْ بقوّة بيدِ أمّنا العذراء كما كانت تفعل نيللي المخلصة لدعوتها، ولعائلتها الرهبانيّة، ولعائلتها البشريّة المجروحة بسبب انفصال والديها، ولشعبها المتألّم بسبب الحروب. لقد دخلت فرح سيّدها عام ۱۹٤٥، تاركةً وراءها حياة تُرشد وتُعلّم، فترتدّ النفوس بسببها”.

أكّدت الأخت روسّوني بدورها بأنّ الجميع يعيش لحظةً خاصّةً في كنيسة مصر، البلد الذي افتُتحَ فيه ملفّ تطويب خادمة الربّ “ماري دي بيتاني” بعد توقّفٍ دام ستّين عامًا، وها هو ينطلق من جديد ويأخذ مساره. وأضافت: “إنّه لأمرٌ هام جدًّا إعلان بدء اللجنة عملها في يوم العنصرة، أي يوم حلول الروح القدس، ممّا جعلنا نتابع الملفّ واثقين، عاملين على ضوء إلهاماته وإرشاداته إلى أن نحقّق غايتنا المنشودة.

كم هو جميلٌ أن نقابل أشخاصًا تعرّفوا إليها ولا زالوا يذكرون “ماري دي بيتاني” كقدوةٍ ومثالٍ في القداسة. لن نسبق إعلان الكنيسة الرسميّ بقداستها، لكنّنا نتعمّق بحياتها وكتاباتها وننشر ما نعرفه عنها وعن تقواها. إنّ مسيرة إعلان تطويب وقداسة شخص لها قواعدها: يجب أن تبدأ الدعوى أقلّه خمس سنوات بعد وفاة الشخص المعنيّ دون أن تتعدّى المدّة الثلاثين سنة. بالنسبة ل”ماري دى بيتاني” بدأ فتح الملفّ بالوقت المناسب، أي بعد ۱٢ سنة من لحظة وفاتها. أُرسِلَ الملفّ بالكامل عن طريق حقيبة دبلوماسيّة الى روما عام ١٩٦٢، لكنّه توقّف هناك وانتهى في أرشيف المجمع وقبع منتظرًا لمدة ستّين عامًا. سنة ٢٠١٨ طلب منّي الأب باتريك أن أسأل عن مصير الملفّ في مجمع دعاوى القدّيسين. وجدته محفوظًا بشكلٍ جيّد، وبعد الإجراءات القانونيّة اللازمة بدأ الملفّ يعود للواجهة مرّةً أخرى. لقد تمّ العمل عليه بشكلٍ رائع منذ عام ٥٧ لغاية ٦١، والمادّة قيّمة والشهادات واضحة. نأمل أن نصل قريبًا إلى نهاية المطاف فيتمّ إعلان ماريا دي بيتاني طوباويّة”.

أمّا الأب كميل وليم فقد رافق الحضور بجولةٍ تاريخيّة لحياة ماري دي بيتاني ثم قدّم نبذةً عن حياتها وكتاباتها، وشرح الأب ميلاد صدقى زخاري عن البعد اللاهوتيّ في حياة وكتابات الأخت ماري دي بيتاني.

أراد الأب باتريك الكرمليّ أن يجعل الحاضرين مغرمين بحُبّ الأخت ماري دي بيتاني، فيدخلهم إلى قلبها الذي أحبّ الله وأحبّ إخوته البشر. قال بأنّها كتبت في أحد الإيام: “فرحت جدًّا اليوم لأنّني مزّقت كلّ مذكّراتي، أشعر بحريّة داخليّة وخفّة حركة”. وأردف مطمئنًا قائلاً: “ما بقي كافٍ وإلى حدٍّ كبير لمعرفة عظمة نفسها وجمالها. حين التقيتُها في حياتها وكتاباتها عشقتُها، لأنّ القدّيسين هم أفضلُ أصدقائنا، وتطال عجائبُهم الناس أجمعين، دون تفرقة وتمييز. ربّما نتساءل ماذا صنعت الأخت ماري دي بيتاني من عظيم؟ والجواب هو “لا شيء”. لكنّها بالفعل، صنعت شيئًا عظيمًا، فقد علّمتنا أن نصغيَ لصوت الله الذي يحدّث القلب والنفس، ويقودنا للتصرّف باستقامةٍ مع الآخرين ويوجّهنا نحو ما علينا القيام بها. يتضّح من خلال مذكّراتها ورياضاتها الروحيّة كم أنّها تحمل في قلبها الله، والعائلة البشريّة التي تصلّي من أجلها. كانت صحّتها هشّة، لكنّ الله دعاها، وكان لديه مشروع عليها، وهي عرفت كيف تحقّق مشروعَهُ هذا. هي في حوار دائمٍ مع الله، وكلّما كان يزداد ألمُها، كلّما تحدّث اللهُ لقلبها. في أحد الأيّام راودها هذا السؤال: “لمن عليّ أن أقدّمَ حياتي؟”، وجاء الردّ سريعًا، وفهمت أنّه عليها أن تبذل حياتها من أجل الكهنة. فالكاهن هو القناة الذي من خلاله تمرّ نعمة الله، في الإفخارستيا، وفي سرّ الاعتراف وفي الأسرار كلّها. حبُّ الكهنة يعني حبُّ الكنيسة. عرفت ماري دي بيتاني كيف تقبل كلّ أنواع الألآم فاقترنت تلك بحبّها ليسوع ولمريم العذراء. تبدأ رسالة القدّيسين بعد مماتهم، والله يكافئهم بهبة القداسة، ويضع ختمه على أعمالهم”.. سوف نعرفها أكثر في الجزء الثاني…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى