قائد شرطة البنجاب: دور الحكومة ورجال الدين هو الحرص على عدم إساءة استخدام الدين
تحقق الشرطة في باكستان مع رجل دين مسلم من بين العشرات لاستخدامهم مكبرات الصوت في المساجد لإصدار أوامر باحتجاجات إثر اتهامات بالتجديف طالت مسيحيين هذا الأسبوع.
وتم تخريب أكثر من 80 منزلاً لمسيحيين و19 كنيسة في هجوم لمئات السكّان المسلمين على حي مسيحي هذا الأسبوع في منطقة جارانوالا، بضواحي مدينة فيصل أباد الصناعية، في ولاية البنجاب، بعد انتشار اتّهامات لمسيحيين بتدنيس القرآن.
واستخدم زعماء محليون مكبّرات الصوت في المساجد لحض أتباعهم على التظاهر، وقال أحد رجال الدين “من الأفضل الموت إن كنتم لا تهتمون بالإسلام”.
وفي مقابلة الجمعة في لاهور، أكد عثمان أنور، قائد شرطة البنجاب، “كان يتوجب على رجل الدين هذا أن يفهم أن حشد الناس في مثل هذه البيئة المشحونة، في بلد يشعر فيه الناس بحساسية شديدة تجاه (التجديف) هو بمثابة صب الزيت على النار”.
وأوضح عثمان أنور، في حديثه لوكالة “فرانس برس”، بأنّه “لم يقل اذهبوا واحرقوا منازلهم. ولكن عندما يتجمع حشد فإنه من المستحيل حقًا السيطرة على ذلك”. وأشار أن رجل الدين من بين 12 شخصًا يتم التحقيق معهم لاستخدامهم مكبرات الصوت في المساجد.
بينما أوقف أكثر من 125 شخصًا لصلتهم بأعمال التخريب التي أعقبت ذلك. وتم استخدام تقنية التعرف على الوجه وخاصية الحدود الجغرافية للهواتف المحمولة وجمع البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي.
وتدفق أكثر من 5 آلاف شخص على الحي من مناطق أخرى، وانتشرت حشود أصغر حجمًا في الأزقة الضيقة وقاموا بنهب المنازل. وانتقد المسيحيون الذين فروا الشرطة لفشلها في تقديم الحماية، ولجأ البعض إلى جيرانهم المسلمين.
وبحسب أنور فإنه “لو بدأت الشرطة الضرب بالهراوات أو مهاجمة (الحشد) أو الغاز المسيل للدموع لتسبب ذلك في العديد من الإصابات أو الوفيات. وهذا ما كنا نتجنب حدوثه في ذلك الوقت. وكان سيؤدي على الأرجح إلى مفاقمة الوضع وامتداده في جميع أنحاء البلاد”.
وأضاف أن المفاوضات مع زعماء دينيين أفضت إلى صدور دعوات للتهدئة، وأظهرت صور انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي حشودًا مسلّحة بعصي وحجارة تقتحم الشوارع بينما تصاعد الدخان من كنائس.
وأوضح أنور أن الشرطة قامت الجمعة بحراسة 3200 كنيسة في أنحاء ولاية البنجاب لطمئنة المسيحيين. وبحسب قائد شرطة البنجاب فإنه قام بنفسه باستجواب شقيقين مسيحيين اتهما بتدنيس القرآن “لتجنب اتهامات بممارسة التعذيب”.
ويعدّ التجديف مسألة حسّاسة في باكستان ذات الغالبية المسلمة حيث يمكن أن يواجه أيّ شخص يعتبر أنه أهان الإسلام أو شخصيات إسلامية، عقوبة الإعدام. ويمثّل المسيحيون الذي يشكّلون نحو 2% من السكان فئة تعدّ من بين الأفقر في المجتمع الباكستاني وكثيرا ما تطالهم اتّهامات ملفّقة ولا أساس لها بالتجديف، يمكن استغلالها لتصفية حسابات شخصية.
وتلقى هذه القضايا عادة دعمًا من زعماء إسلاميين من اليمين وأحزاب سياسية في أنحاء باكستان حيث تم اغتيال سياسيين وتهديد بلدان أوروبية بالأسلحة النووية فيما قُتل طلبة إثر اتهامات بالتجديف.
وكانت المسيحية آسيا بيبي في قلب نزاع مرتبط بالتجديف في باكستان لتُلغى لاحقًا عقوبة الإعدام الصادرة بحقّها فيما سُمح لها في نهاية المطاف بمغادرة البلاد. وأثارت قضيتها تظاهرات عنيفة واغتيالات لمسؤولين كبار، وسلّطت الضوء على التطرّف الديني لدى فئات واسعة من المجتمع الباكستاني، وبحسب لجنة حقوق الإنسان الباكستانية، فإن عدد وحجم الهجمات “ازداد على ما يبدو في السنوات الأخيرة”.
وأكد عثمان أنور، قائد شرطة البنجاب، أنه بينما قد يكون الغضب إزاء التجديف مبررا، فإن ردود الفعل العنيفة غير مبررة، واصفًا ما حدث بجارانوالا بأنه “مأسوي”، مشدّدًا على أن دور الحكومة ورجال الدين هو الحرص على عدم إساءة استخدام الدين.
(المصدر أبونا)