في اليوم العالمي للأجداد والمسنين.. البابا: الأجداد أشجار مزهرة يبني أسفلها الأبناء والأحفاد أعشاشهم
ترأس البابا فرنسيس في بازيليك القديس بطرس قداسا إلهيا احتفالا باليوم العالمي الثالث للأجداد والمسنين. وتحدث الأب الأقدس في عظته عن استخدام يسوع للأمثال ليحدثنا عن ملكوت الله راويا قصصا بسيطة تبلغ قلوب مَن يصغون إليها.
وأضاف البابا أن هذه اللغة الغنية بالصور تشبه تلك التي يستخدمها الأجداد كثيرا للتحدث إلى أحفادهم، الجالسين على أرجلهم ربما، فينقلون إليهم حكمة هامة للحياة.
وواصل الأب الأقدس متوقفا عند قراءة اليوم من إنجيل القديس متى وقال إنه يريد التأمل في ثلاثة أمثال يجمعها الأمر ذاته، النمو معا، وتحدث أولا عن مثل الزؤان حيث نما القمح والزؤان في الحقل ذاته، وقال البابا إن هذه صورة تساعدنا على إدراك أنه في حياة كل شخص هناك النور والظل، المحبة والأنانية، فالخير والشر يتداخلان حتى يبدو أنهما لا ينفصلان.
وتحدث الأب الأقدس بالتالي عن جمال رؤية الله هذه التي تُعلِّمنا الرحمة وأن نتحلى بالصبر إزاء الآخرين، أن نقبل في العائلة والكنيسة والمجتمع الضعف والمحدودية لا كي نعتاد عليها مستسلمين أمامها أو لتبريرها، بل لنتعلم التدخل باحترام مواصلين العناية بالزرع الطيب.
ودعا قداسة البابا إلى أن نتذكر دائما أن تطهير القلوب والانتصار النهائي على الشر هما عمل الله، أما نحن فإننا مدعوون، بانتصارنا على الميل نحو الفصل بين القمح والزؤان، إلى فهم ما هي الطرق واللحظات الأفضل للتدخل.
وواصل البابا فرنسيس حديثه عن هذا المَثل مشيرا إلى أن الأجداد والمسنين إذا نظروا إلى الماضي فسيرون الكثير من أشياء جميلة تمكنوا من تحقيقها، ولكنهم سيرون أيضا الهزائم والأخطاء.
وواصل أن الرب يدعونا اليوم بكلمات رقيقة إلى أن نستقبل بصفاء وصبر سر الحياة وأن نترك الحكم له وألا نعيش في ندم، وكأنه يقول لنا انظروا إلى الزرع الطيب الذي يزهر في حياتكم ودعوه ينمو موكلين كل شيء إليّ أنا الذي أغفر دائما، وفي النهاية سيكون الخير أقوى من الشر.
وأضاف الأب الأقدس أن الشيخوخة زمن مبارك للقيام بهذا أيضا، فهي زمن التصالح للنظر إلى النور الذي يتقدم رغم الظلال مع الرجاء القائم على الثقة في أن القمح الطيب الذي زرعه الله ستكون له الغلبة على الزؤان الذي أراد الشيطان أن يلوث به القلوب.
انتقل البابا فرنسيس بعد ذلك إلى المثل الثاني في قراءة اليوم أي مَثل حبة الخردل، فقال إن يسوع يقول إن ملكوت السموات هو عمل الله الذي يعمل في صمت في التاريخ حتى أنه يبدو فعلا صغيرا وغير مرئي كعمل حبة خردل صغيرة، حياتنا أيضا هي هكذا، قال الأب الأقدس، فنحن نأتي إلى العالم بصغرنا ثم نصبح بالغين ثم مسنين، نكون في البداية بذرة صغيرة ثم نتغذى على الرجاء ونحقق مشاريع وأحلاما، أجملها هو أن نكون مثل تلك الشجرة التي لا تعيش من أجل ذاتها بل لتوفر الظل لمن يريد وفسحة لمن يريد بناء عش، وهكذا ينمو معا الشجرة العجوز والطيور الصغيرة، وهنا أيضا تحدث البابا فرنسيس عن الأجداد فقال إنهم أشجار مزهرة يبني أسفلها الأبناء والأحفاد أعشاشهم فيتعلمون أجواء البيت ويلمسون حنان المعانقة.
المثل الثالث الذي توقف عنده البابا فرنسيس انطلاقا من قراءة اليوم هو مَثل الخميرة حيث ينمو معا الخميرة والدقيق.، وسلط الأب الأقدس على أهمية، التمازج والتلاقي والتعانق، الخروج من الذات والاتحاد مع الآخرين.
وأضاف أن كلمة الله اليوم هي دعوة إلى اليقظة كي لا نهمش المسنين في حياتنا وفي عائلاتنا، وإلى التنبه كي لا تطبع الوحدة مدننا المكتظة وكي لا تنسى السياسة، التي هي مدعوة إلى الاهتمام باحتياجات أكثر الأشخاص ضعفا، المسنين. وأكد الأب الأقدس على ضرورة ألا نصبح غير قادرين على إبطاء حركتنا من أجل مرافقة مَن يجد مشقة في اتباع الإيقاع السريع.
(المصدر راديو الفاتيكان)