جدل سياسي بعد سحب مرسوم جمهوري يتعلق بمنصب بطريرك الكنيسة الكلدانيّة
أعلنت البطريركية الكلدانية في العراق، الاثنين، رفضها قرار سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق، الكاردينال لويس ساكو روفائيل، مبدية استغرابها هذا القرار الذي اعتبرته غير مسبوق في تاريخ البلاد.
وذكر بيان البطريركية أنّ “المسيحيين بجميع طوائفهم اطّلعوا باستغراب على هذا القرار غير المسبوق في تاريخ العراق، وعدوه قرارًا سياسيًا كيديًا ليس ضد شخص البطريرك ساكو، المعروف داخليًا وخارجيًا بمواقفه الوطنية ونزاهته، وإنما ضد المقام البطريركي العريق في العراق والعالم”.
وطالبت البطريركية الكلدانية، وهي الكنيسة الأكبر في العراق، بـ”إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي قبل أن تتأزم وتفرز تداعيات لا تُحمد عقباها”، مشيرةً إلى أن “المسيحيين كانوا ولا يزالون عراقيين مخلصين لوطنهم ويحملون العراق في قلوبهم”.
وجاء هذا البيان عقب إصدار رئيس الجمهورية العراقي عبد اللطيف رشيد، مرسومًا جمهوريًا بسحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين البطريرك لويس ساكو، من منصب بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، ومتوليًا لأوقافها.
وقد نشرت جريدة “الوقائع” العراقية، في عددها (4727) الصادر في 3 يوليو/ تموز 2023، المرسوم الجمهوري رقم (31) القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو.
لكن رئاسة الجمهورية أكدت أن “سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو، كونه معينًا من قبل الكرسي البابوي بطريركًا للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، بل جاء لتصحيح وضع دستوري، إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني، فضلاً عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة ودون سند دستوري”. وأشارت الرئاسة العراقية، في بيان منفصل، إلى أن “البطريرك لويس ساكو يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم”.
لكن مسؤولاً في ديوان الوقف المسيحي ببغداد، قال إنّ قرار سحب مرسوم تنصيب ساكو جاء بسبب ضغوط على رئاسة الجمهورية من أطراف مسيحية، أبرزها زعيم فصيل بابليون المسيحي المسلح الذي ينشط في سهل نينوى، ريان الكلداني، وهو أحد الفصائل المنضوية ضمن الحشد الشعبي.
وأضاف المسؤول ذاته أن “القرار يحمل غايات سياسية، ويظهر أن رئيس الجمهورية إما غير ملم بخلفيات المشاكل داخل البيت العراقي المسيحي، أو أنه انصاع للضغوط”. ولفت إلى أن المنصب الذي جرت العادة على أن يكون بمرسوم جمهوري يعتبر الآن شاغرًا ما لم يعِد رئيس الجمهورية إصدار مرسوم آخر، وهو ما قد لا يكون قريبًا”.
وفي بيانها، أشارت البطريركية الكلدانية إلى أن “هذا القرار غير مسبوق في تاريخ العراق، ومنذ الخلافة العباسية كان البطريرك يُمنح براءةً رسمية، واستمر الأمر في العهد العثماني إذ كان (البطريرك) يُمنح فرماناً ولنا نسخة منه تسمى (الطغراء) وهكذا في الزمن الملكي والجمهوري”.
ولفت إلى أن “هذه المراسيم معمول بها في الدول العربية التي فيها طوائف مسيحية مثل الأردن ومصر وسورية ولبنان. ولا نعرف ما الأسباب وراء هذا القرار الذي نعتبره قراراً سياسياً كيدياً، وهو ضد المقام البطريركي العريق في العراق والعالم”.
وخلص بيان البطريركية الكلدانية: “نأمل ألا تُسحب مراسيم جمهورية من أكثر من 20 رئيسًا وأسقفًا في الكنائس الشقيقة”، فيما طالب “رئيس الجمهورية بأن يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي قبل أن تتأزم وتَفرز تداعيات لا تُحمد عقباها”.
وتشهد قيادة الوضع المسيحي في العراق حالة من الصراع ما بين بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس ساكو، وقائد جماعة “بابليون” المسلحة ريان الكلداني، حتى وصلت خلال الأشهر الماضية إلى تبادل التهم والبيانات عبر وسائل الإعلام والمؤتمرات الصحافية، في مرحلة جديدة من الصراع على الوضع الديني والسياسي للمكون المسيحي، الذي لم يمر بحالة جيدة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
واعتبر البطريرك ساكو، الكلداني، أنه “لا يمثل المكوّن المسيحي”، واتهمه بالتورط في سرقة أملاك المسيحيين. وقال في مؤتمر صحافي: “لا أسمح لنفسي بمناظرة شخصية مثل ريان الكلداني، الذي سرق أملاك المسيحيين في بغداد ونينوى وسهل نينوى ويحاول شراء رجال الدين المسيحيين بمساعدة امرأة وضعها بمنصب وزيرة”، في إشارة إلى وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو التابعة لحركة “بابليون”. (المصدر أبونا)