Uncategorized

التعليم العالي بين التحديات والتطوير – الأب رفيق جريش

أخيراً أصبح لمصر استراتيجية جديدة للتعليم العالي والبحث العلمي والذي كنا نطالب به منذ زمن بعيد، فتقدم الشعوب تقاس بمدى جدية التعليم به وترتيبه دولياً وكذلك ماذا وكيف ينتج ليفيد مجتمعه والإنسانية بشكل عام. إن مصر، وهى ترنو إلى تقدم تنشده، وإصلاح تنتظره، وحياة كريمة ترجوها لشعبها لا يمكن أن تحقق ذلك إلا بإصلاح التعليم وتطويره، وهو أمر بات ضرورياً ولا مفر منه، كما أن أي إصلاح لكل مشكلة لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تحددت هذه المشكلة تحديداً دقيقاً، ووصفت توصيفاً جدياً حتى يتضح مداها وصورها وكيفية التعامل معها. فإذا ما ظل الطبيب يلاحق أعراض المرض دون علاج أصل الداء فإن عمله فى النهاية إلى سراب وغايته في شفاء المريض تبقى ضرباً من المستحيل الذى لن يتحقق أبداً.

وفي هذا الصدد عرض الدكتور محمد أيمن عاشور الاستراتيجية الجديدة للتعليم العالي والبحث العلمي على شكل ثلاث محاور تشتمل عليها هذه الاستراتيجية وهي كفيلة بإنجاز نقلة نوعية غير مسبوقة فى تعليمنا الجامعي، وفى البحث العلمي بالجامعات المصرية. وعلى سبيل المثال، فإن المحور الأول، وهو السعي إلى توفير مناخ يحفز لتوطين وإنتاج المعرفة، سيجعل الهدف الرئيسي للتعليم الجامعي هو الابتكار والإبداع والتشجيع على التفكير النقدي، وليس مجرد الحفظ لكى ننجح في امتحان آخر العام.

وأما المحور الثاني، وهو التحول نحو الجيل الرابع للتعليم، فسوف يجعل التكنولوجيا الحديثة هي الوسيلة والغاية معا، بمعنى أن وسيلة الطالب للتعلم ستكون التكنولوجيا، بهدف الوصول إلى الغاية، التي هي إنتاج التكنولوجيا، حتى لا نظل مستوردين للتكنولوجيا من الخارج.

ثم يبقى المعيار الثالث، وهو أن تكون منظومة التعليم العالي وسيلة إلى التنمية الشاملة المستدامة وتحقيق أهداف هذه التنمية. وبديهي أنه لا تنمية حقيقية بدون تطوير البحث العلمي، وهو ما سوف تضمنه لنا الاستراتيجية الوطنية الجديدة للتعليم الجامعي.

هذه الأفكار ممتازة ولكن نتمنى ألا تكون حبراً على ورق أو كلام فقط، ولكن نريده أن يدخل حيز التنفيذ حتى تكون جامعاتنا ومراكز الأبحاث العلمية المصرية جديرة بأن تقود المجتمع إلى ما هو أفضل وبطرق علمية كذلك يجب وضع سياسة للاستفادة القصوى من علمائنا سواء في الداخل والخارج وإعطائهم كل الفرص والإمكانيات ومهما كانت التضحيات لأن العلم الحديث هو الذي سيفرز مستقبلاً الأمم المتخلفة من الأمم المتقدمة.

التعليم العالي يسهم في تكوين المجتمع وبلورة ملامحه في الحاضر والمستقبل، فيرتكز دور التعليم العالي في تنمية الثروة الحقيقية للمجتمع وهي الطاقات البشرية من اجل تحقيق تنمية مستدامة تحقق النمو الاقتصادي للمجتمع والتعليم باعتباره استثمار في رأس المال البشري يمكن أن يحقق عوائد أكبر من رأس المال المادي بالنسبة للدول النامية وأن كان له دور أيضا في نمو اقتصاديات الدول المتقدمة ونحن نريد أن نكون في تطور دائم وفي مقدمة الشعوب فلا ننسى أن ميزانيات البحث مازالت هزيلة مقارنة لما عليها أن تقدمه فنأمل أن نرى طفرة قوية في هذا الاتجاه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى