استقبل البابا فرنسيس أعضاء المنتدى الإيطالي لجمعيات العائلات. وفي بداية كلمته شكر الأب الأقدس رئيس المنتدى جانلويجي دي بالو على كلمته وعلى عمله خلال هذه السنوات، ثم وجه قداسته الشكر إلى الجميع وذلك على عملهم الساعي إلى جعل صوت العائلات في إيطاليا عاليا، صوت غير شاكٍ بل هادف، غير ايديولوجي بل قادر على قراءة الواقع واحتياجات العائلات الإيطالية وخاصة تلك ذات العدد الأكبر من الأبناء.
وتابع البابا فرنسيس قائلا لضيوفه إنه يرى فيهم شهادة على فرح الكون عائلة، وذكَّر بأن هذه هي الرسالة الجوهرية التي أراد قداسته تقديمها في الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس حول العائلة “فرح الحب”، وتابع البابا أن فرح العائلة لا يعني أن كل شيء يسير على ما يرام وأنه ليست هناك مشاكل، فجميعنا نعرف أن الحياة العائلية تتألف من لحظات سعيدة وأخرى أليمة، فترات أكثر سكينة وأخرى أكثر صعوبة بل وقاسية في بعض الأحيان. إلا أن هناك فرحا يمكنه أن يمر عبر كل هذه الأوضاع.
قال الأب الأقدس، لأنه فرح يوجد في مستوى أكثر عمقا، إنه فرح الكون عائلة والذي يعاش كهبة بحس حميمي من الامتنان، امتنان موجه إلى الله في المقام الأول، ثم إلى الأسلاف والأجداد، وأيضا إزاء الأبناء والأحفاد الذين يحفزون مجددا فرح الحب لدى المسنين والكبار. وأراد البابا فرنسيس هنا إيضاح أنه لا يتحدث عن عائلة مثالية بل عن نموذج أساسي يقود تطبيقه إلى السعادة، وأضاف أن هذه هي الفكرة الأولى التي أراد تقاسمها مع ضيوفه والتي يشكرهم عليها، أي شهادتهم على كون العائلة عطية فرِحة تثير مشاعر الامتنان.
ثم توقف الأب الأقدس عند جانب آخر يلمسه لدى أعضاء منتدى جمعيات العائلات في إيطاليا ويشجعهم عليه، ألا وهو سعيهم إلى تحفيز سياسة جيدة من أجل العائلات ومعها، وقال إنهم يقومون بهذا لا إنطلاقا من ايديولوجية بعينها بل على أساس العقيدة والتطبيقات الاجتماعية للكنيسة وذلك من خلال الحوار.
وأشار البابا فرنسيس هنا إلى الحوار مع المؤسسات المسؤولة عن السياسات من أجل العائلات، حوار لا من أجل مصالح فئة أو طرف بل تطلعا إلى الخير العام. وتابع قداسته أن هذا الجانب الثاني يتكامل مع الأول، فلا يمكن لعائلة مسيحية أبدا أن تنغلق على ذاتها، ولا يمكن القول نحن بخير فليدبر الآخرون أمورهم، فالعائلة المسيحية، بل كل عائلة تقوم على الحب، هي منفتحة ومتنبهة إلى ما يحدث خارج البيت وتسعى إلى أن تكون مستقبلة وتضامنية بدءً من الجيران والحي وصولا إلى المستوى الاجتماعي بل وإزاء بلدان وقارات أخرى. فالعائلة مدعوة إلى أن تكون عنصر أخوّة وصداقة اجتماعية، أن تكون راسخة في المكان الذي توجد فيه ومنفتحة في الوقت عينه على العالم.
وأضاف الأب الأقدس هنا أن هذا ليس أمرا جديدا يميز زمننا، فالمجلات الإرسالية في القرن التاسع عشر كانت تحمل إلى بيوت الأشخاص البسطاء، وإلى جانب قصص المرسلين، الكثير من الأنباء حول دول وشعوب بعيدة. هذا الانفتاح هو بالتالي جزء من الحمض النووي للكنيسة، قال قداسة البابا، وأضاف أن الكنيسة بطبيعتها تربي على عقلية كاثوليكية وعلى أفق جامع.
انتقل البابا فرنسيس بعد ذلك إلى الحديث عن عمل ونشاط منتدى جمعيات العائلات في إيطاليا، وقال إن هذا التزام سياسي أيضا بالمعنى الأوسع والأسمى لهذه الكلمة، أي كإسهام من أجل الخير العام للبلاد وكي لا تتعرض العائلات للاستغلال والتضرر بل أن تُعزَّز وتُدعم. وأضاف قداسته أن هذا هو الطريق الوحيد من أجل تغيير توجه معدلات الولادة، وقال إن هذه نقطة أخرى يريد أن يتقاسمها مع ضيوفه بل ويريد أن يشكرهم لأنهم ساعدوه على معرفة الوضع في إيطاليا بشكل أفضل، وأضاف أنه بفضل مبادراتهم أيضا ظهرت قضية الولادات في المراكز الأولى للبرامج السياسية.
وشدد قداسته على ضرورة الانتقال من الكلمات إلى الأفعال ومن مجرد التخفيف إلى علاج حقيقي وفعال، وقال لضيوفه إنهم لا يريدون الاكتفاء بلفت الأنظار إلى المشكلة بل يسعون إلى متابعة تطوراتها واليقظة على عمل المؤسسات المسؤولة، وذلك لا لانتقاد عمل غريم سياسي شأن ما يحدث غالبا، بل بتصرف بَناء من خلال تقديم مقترحات واقعية وموثَّقة وتوفير استشارات من قِبل خبراء يتميزون بالحياد.
وفي ختام كلمته إلى أعضاء المنتدى الإيطالي لجمعيات العائلات الذين استقبلهم ظهر اليوم الجمعة دعا قداسة البابا فرنسيس ضيوفه إلى السير قدما على هذين الطريقين، الشهادة الفرِحة للكون عائلة، والالتزام من أجل سياسة من أجل العائلات ومع العائلات. وأراد الأب الأقدس هنا أن يضيف دعوة أخرى إلى أعضاء المنتدى، ألا وهي أن يعتنوا بأنفسهم كأزواج وكعائلات، وحفزهم على أن يجدوا الوقت الضروري للصلاة وللحوار فيما بينهم كأزواج ومع الأبناء، وأيضا للحياة الجماعية في الكنيسة. وأضاف مشيرا إلى أن العائلات التي ترغب في العمل على صعيد الجمعيات والمجتمع عليها بشكل أكبر العمل من أجل تنمية الحياة الروحية وروحانية الزواج والعائلة. وأراد البابا فرنسيس هنا التذكير بمَثل الطوباويَّين لويجي وماريا بيلترامي كواتروكي، ثم بارك قداسته الجميع موكلا إياهم إلى حماية مريم العذراء والقديس يوسف، وسألهم ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.
(المصدر راديو الفاتيكان)