Uncategorized

البابا فرنسيس: على اللاهوتي الدخول في علاقة حية مع شعب الله

استقبل البابا فرنسيس أعضاء أكاديمية القديس ألفونس، المعهد الحبري العالي للاهوت الأخلاقي، والمشاركين في دورة تنظمها الأكاديمية بعنوان “القديس ألفونس: راعي الأخيرين وملفان الكنيسة”. وفي بداية كلمته رحب الأب الأقدس بالجميع معربا عن سعادته للقائهم في ختام هذا اللقاء الدولي الذي تنظمه الأكاديمية، والتي ستحتفل في ٩ شباط فبراير القادم بمرور ٧٥ سنة على تأسيسها. كما وشكر البابا فرنسيس مسؤولي الأكاديمية ومدرسيها على ما قدموا ويقدمون من خدمة للكنيسة في مجال اللاهوت الأخلاقي.

ثم عاد الأب الأقدس في كلمته إلى ما ذكر المجمع الفاتيكاني الثاني حول اللاهوت الأخلاقي فذكَّر بما جاء في الوثيقة المجمعية حول التنشئة الكهنوتية Optatam Totius والتي شددت على ضرورة أن يساعد اللاهوت الأخلاقي، المتشبع من تعليم الكتاب المقدس، المؤمنين على فهم عظمة دعوتهم كي يحملوا إلى العالم محبة المسيح. وتابع البابا فرنسيس أن أي اقتراح لاهوتي أخلاقي يقوم في النهاية على أساس، هو كون محبة الله ما يرشدنا، هي المرشدة لنا في اختياراتنا الشخصية ومسيرة حياتنا، ويعني هذا أن اللاهوتيين والإرساليين والمعرِّفين هم مدعوون إلى الدخول في علاقة حية مع شعب الله آخذين على عاتقهم في المقام الأول صرخة الأخيرين، وذلك من أجل فهم المصاعب الحقيقية والنظر إلى الحياة من وجهة نظرهم والتمكن من أن يقدموا لهم إجابات تعكس نور محبة الله الأبدية. وقال الأب الأقدس لضيوفه في هذا السياق إنهم يحاولون أن يعرضوا على المؤمنين اقتراح حياة مسيحية في احترام لمتطلبات التأمل اللاهوتي، ولكن على هذا التعليم الأخلاقي ألا يكون باردا، بل يجب أن يكون في سياق تمييز رعوي مفعم بمحبة رحومة تسعى إلى الفهم والمغفرة والمرافقة، وفي المقام الأول الدمج.

وفي حديثه عن الدورة التي نظمتها الأكاديمية قال البابا فرنسيس إنها قد بدأت، وفي تماشٍ مع أعمال القديس ألفونس، بالتأمل امل في الضمير وآلية تَشكُّله، وهذه قضية هامة، قال الأب الأقدس. وتابع أنه وفي تغير الحقبة المُركَّب والسريع الذي نعيشه حاليا فإن فقط الأشخاص الذين يتميزون بضمير ناضج هم القادرون على أن يقوموا في المجتمع بريادة إنجيلية صحيحة في خدمة الأخوة. وأضاف البابا أن في الضمير يكون الإنسان بمفرده مع الله حيث يتردد صوت الله في الأعماق، وما يقول الضمير من كلمات ليست له بل هي تأتي من كلمة الخالق الذي صار جسدا ليكون مع البشر، وفي مدرسة الكلمة المتجسد، واصل الأب الأقدس، يتعلم كل واحد الحوار مع الآخرين مُنَميا التطلع إلى أخوَّة شاملة حقيقية متجذرة في الاعتراف بكرامة كل إنسان التي لا يمكن المساس بها.

أشار البابا فرنسيس بعد ذلك إلى تطرق المشاركين في الدورة إلى الأخلاقيات البيولوجية، ودعا الجميع هنا إلى التحلي بصبر الإصغاء والنقاش، وهو ما يوصي به القديس ألفونس في الأوضاع التي تشهد مواجهة. وأكد البابا أن هذا ضروري خلال السعي إلى حلول مشتركة تعترف باحترام قدسية كل حياة في أية ظروف وبضرورة ضمان هذا الاحترام. وأشار الأب الأقدس هنا إلى أهمية اسهام مناهج البحث متعددة التخصصات التي تسمح بالتعامل مع التحديات الجديدة بكفاءة أكبر وقدرة نقدية، وذلك في ضوء نور الإنجيل والخبرة البشرية. ودعا البابا إلى تفادي الاستقطاب الذي يطبع النقاش على وسائل الاتصالات حول موضوع الأخلاقيات البيولوجية، كما وشدد على ضرورة أن يتنبه ما يُقترح في هذا المجال إلى المآسي الحقيقية للأشخاص الذين غالبا ما يكونون في اضطراب أمام المواضيع الأخلاقية للحياة. ودعا البابا ضيوفه إلى استخدام لغة الشعب في التعريف بنتائج عملهم، وإلى تقديم اقتراحات أخلاقية مؤنسَنة وقابلة للتطبيق.

ثم تطرق البابا فرنسيس إلى الموضوع الثالث الذي شمله برنامج الدورة الا وهو الأخلاقيات الاجتماعية، ودعا هنا أيضا إلى تأمل قوي، وشدد على ان هناك مواضيع كثيرة عليها أن تحفزنا على الحوار مثل الأزمة البيئية والتحول الإيكولوجي، الحرب، النظام المالي الذي يمكنه أن يؤثر على حياة الأشخاص وصولا إلى العبودية، هذا إلى جانب تحدي بناء الأخوّة بين الأشخاص والشعوب. وقال قداسة البابا لضيوفهم إن هدف عملهم هو أن ينمو الجنس البشري، الذي تَجدد في المسيح، كعائلة الله، ولهذا فمن الضروري الدخول بتواضع وحكمة في النسيج المركب للمجتمعات التي نعيش فيها. 

(المصدر راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى