البابا فرنسيس: الكاريزما كعطية من الروح القدس تتواصل وتتجدد في كل الظروف
استقبل البابا فرنسيس قبل راهبات الخدمة الاجتماعية وذلك لمناسبة الذكرى المئوية الأولى لتأسيس هذه الجمعية الرهبانية. وأشار الأب الأقدس في بداية كلمته إلى أهمية هذه الذكرى بالنسبة للراهبات وأيضا للكنيسة، وذلك لأن كل كاريزما هو بالنسبة لها عطية من الله الذي يهبها من خلال الروح القدس هذه النعم التي تحتاج إليها الكنيسة في كل مرحلة تاريخية. وهذا هو السر، قال البابا فرنسيس، فما نحصل عليه من الأشخاص وما يمكن أن نُعده نحن بقوانا الشخصية يشيخ ويفسد، أما عطايا الروح القدس فلها دائما حياة جديدة وتتجدد في كل ظروف تتعلق بالمكان والزمان باقيةً في الوقت ذاته على أمانتها لجذورها.
وتابع قداسة البابا أننا بهذا الشكل يمكننا أن ننظر إلى الكاريزما الذي تلقته مئة عام مضت الأم مارغيت شلاختا مؤسِّسة الجمعية والذي تكيف مع الزمن ومن خلال التعليم الاجتماعي للكنيسة مع مشاهد سياسية واجتماعية مختلفة وصولا إلى أيامنا هذه. وأعرب قداسته عن دهشته أمام حفاظ مؤسِّسة الجمعية كمكرسة أيضا على التزام سياسي فعال، وأيضا عن تأثره بتأكيد الأم شلاختا خلال فترة المحرقة على أن وصايا الإيمان تفرض على الأخوات حماية اليهود حتى وإن كان هذا يعرض حياتهن للخطر. وواصل قداسة البابا مشيرا إلى أن الكثير من الشهداء قد ماتوا من أجل إيمانهم، لا بسبب إنكار حريتهم في العبادة، بل للتماشي مع الحياة التي يفرضها هذا الإيمان، وبالتالي دفاعا عن الحرية والعدالة والحق. وأضاف قداسته أن الدليل الأول على هذا هو شهادة القديس يوحنا المعمدان، فقد مات لأنه لام الطاغية الذي لم يكن يعيش حسب الشريعة الإلهية، ولأنه دعا الشعب إلى رفض هذا النظام الذي كان يبعده عن مشيئة الله، وهكذا كان شاهدا وشهيدا للحق.
ثم عاد البابا فرنسيس إلى تأسيس الجمعية الرهبانية مئة سنة مضت، إلى الظروف التي ميزت بداية القرن الماضي وإلى التغيرات الاجتماعية التي فتحت الطريق أمام الحروب العالمية. وقال قداسته إن هذه كانت فترة حاسمة شجع خلالها الله ولادة هذه الجمعية. وتابع البابا أن هذا ينطبق أيضا على الزمن الحالي، ما يعني أن الدعوة إلى أن نكون شهودا تتواصل. وقال قداسته للراهبات: كم سيكون جميلا ان تتردد في قلوبكن أصداء كلمات مؤسِّسة الجمعية بالزخم نفسه الذي كان بالتأكيد في قلوب أولى الأخوات. وشدد الأب الأقدس على أن هذه الكلمات هي محفز لهن وتُعلِّمهن مواجهة التحديات الاجتماعية كما فعل أخواتهن ضد النازية باستخدام سلاح وحيد، المحبة.
وفي ختام حديثه إلى راهبات الخدمة الاجتماعية أكد البابا فرنسيس أن مؤسِّسة الجمعية والكنيسة والروح القدس يسائلوننا عبر الحقيقة ذاتها، أنه ما من حب أكبر من هبة الحياة للآخرين. وتضرع الأب الأقدس إلى الله كي يهبنا القوة لنكون شهودا لمحبته وحقيقته وعدالته.
(المصدر راديو الفاتيكان)