Uncategorized

الأب باتون: يتوجه فكري إلى الجماعة المسيحية الصغيرة في غزة

في مقابلة مع صحيفة “أوسيرفاتوري رومانو” الفاتيكانيّة، يتطرّق حارس الأراضي المقدسة، الأب فرانشيسكو باتون، الأوضاع المأساويّة في الأراضي المقدسة، وخاصة في قطاع غزة، وقلقه على مستقبل المسيحيين في غزة بعد اندلاع الحرب.

“بعد انطلاق صافرات الإنذار الأربع صباح الاثنين، أصبح الوضع في القدس هادئًا تمامًا. هدوء مخيف. المدينة نصف فارغة، كما كانت في وقت الإغلاق. المدينة القديمة مهجورة. لقد قمنا بجولة قصيرة ونظرنا في الحي المسيحي الليلة الماضية مع الأب فلتس دون أن نلتقي بأي روح. ويبدو أن هناك خوف مما قد يمكن أن يحدث في كل مكان”. هذا ما قاله لصحيفة الأوسيرفاتوري رومانو الأب فرانشيسكو باتون، حارس الأراضي المقدسة، ويضيف “نحن الرهبان، مثل غالبية السكان المدنيين العرب والإسرائيليين، نبقى في المنازل، لنحاول أن نفهم من مواقع المعلومات والرسائل مع الذين يعيشون في أماكن مختلفة ما يحدث في بقية أنحاء البلاد”.

ما هي الفكرة التي كوّنتها عن أحداث هذه الساعات؟

أعترف أنه من الصعب جدًا حتى الآن التعبير بفكرة كاملة عما حدث، ولكن وبشكل خاص عما يمكن أن يحدث. لا أستطيع إلا أن أصف بعض الملاحظات المتفرقة. يمكنني أن أقول إن ديناميكيات الهجوم تركت الجميع في حالة من الدهشة والحيرة. لقد فوجئت القوات المسلحة الإسرائيلية نفسها وفشلت في توقع مثل هذا الهجوم الداخلي واحتوائه. وهذه حداثة مطلقة. ومع ذلك، لا أرغب في تقديم أي توقعات حول كيفية تطور الوضع في الساعات والأيام القليلة المقبلة. ستكون هناك عمليات عسكرية لاستعادة السيطرة على الأراضي التي تسلل إليها رجال ميليشيات حماس والجهاد الإسلامي، وبالتأكيد أيضًا عمل عسكري مباشر ضد قطاع غزة. ومن المثير للقلق ما حدث مع أسر هذا العدد الكبير من الرهائن العسكريين والمدنيين وعزلهم في غزة، بل إن بعضهم حتى أجانب، ومن المحتمل أن يتم استخدامهم “كأوراق مساومة”.

وأقول لكم بصراحة إن اهتمامي الآن يسير في اتجاه مختلف عن الاعتبارات الاستراتيجية والسياسية. أفكر وأصلي باستمرار مع إخوتي من أجل العدد الهائل من الضحايا الذين وقعوا خلال هذين اليومين. والغالبية العظمى منهم ضحايا مدنيون. ومن صور الجنود الإسرائيليين أنفسهم المنشورة على المواقع، يمكننا أن نرى أن الكثير منهم في عمر الشباب. وأصلي من أجل العديد من الرهائن الذين أصبحوا الآن سجناء في غزة. ومن بينهم أيضًا مسنين ونساء وأطفال. ثم أصلي من أجل إخوتي في الإيمان في هذه الأرض. مرة أخرى، تخاطر الجماعة المسيحية الصغيرة في الأراضي المقدسة بالتعرّض للضغط بسبب صراع لا تشارك فيه. بالنسبة للمسيحيين العرب في هذه الأرض، فإن التطلع المشروع لإنشاء دولة فلسطين هنا لا يترجم أبدًا إلى أعمال عنف أو تعسفية. وبالتالي يتوجّه فكري بشكل خاص إلى الجماعة المسيحية الصغيرة في غزة، والتي تواجه خطر الانقراض.

ماذا عن وضع الحجاج الموجودين في القدس وفي الأماكن المقدسة؟

لقد غادر العديد منهم البلاد وسيغادر الكثيرون خلال هذه الأيام. لقد بقي مطار بن غوريون في تل أبيب مفتوحًا ولكن تم إلغاء العديد من الرحلات الجوية. ويحاول العديد من الحجاج تغيير التذاكر للعودة إلى بلدانهم في وقت مبكر. وقد فعل آخرون ذلك أيضًا.

إنّ قلقي قوي بشأن هذا الجانب من رحلات الحج: هناك جزء كبير من المسيحيين هنا في القدس وبيت لحم يعيشون من خلال العمل السياحي وفي النشاطات المتعلقة بالحج. بالنسبة لهم الآن، هناك وقت، ربما طويل، من الخمول كما كان الحال خلال فترة فيروس الكورونا، والذي سيؤثر على الظروف المعيشية المحفوفة بالمخاطر.

كذلك، تشمل الإجراءات الحكومية للأيام القليلة المقبلة الإغلاق الاحترازي لجميع المدارس وإدخال القواعد المتعلقة بحالة الحرب. إنه شيء نقوم به على مضض، لأنه كان من المناسب أن نتمكن من أن نساعد الأطفال على أن يتأمّلوا حول ما يحدث وأن نُطوِّر فكرة السلام معهم. إنَّ مدارسنا هي إحدى الأماكن القليلة التي نحاول فيها أن نربّي على السلام والتعايش في هذه الأرض المعذبة.

ماذا عن التنسيق في هذه الأوقات مع الكنائس في الأراضي المقدسة؟

بتنسيق من بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث، صدر بيان مشترك عن جميع رؤساء الكنائس المسيحية في القدس، وهو في الأساس دعوة للسلام وإسكات فوري للأسلحة. كذلك أنا على اتصال في الوقت الحالي مع الكاردينال البطريرك بيتسابالا. لقد تم تعليق جميع الاحتفالات التي تم التخطيط لها بعد تعيينه كاردينالًا، ويمكننا أن نفهم أنّ اللون الأرجواني الذي ناله من خلال تعيينه كاردينالاً ليس له قيمة رمزية فحسب، بل هو علامة خدمة لأرض وكذلك لكنيسة تلوّنت بدماء شعبها.

في الختام، أعتقد أنه للحصول على صورة دقيقة لأحداث هذه الساعات، والتي يمكننا إبلاغكم بها، سيتعين علينا الانتظار لبضعة أيام. وبالتالي لا يسعني الآن إلا أن أدعوكم للانضمام إلينا في صلاة متواصلة من أجل فتح بعض قنوات الحوار في ضوء، إن لم يكن السلام، على الأقل صمت السلاح واحترام السكان المدنيين والأسرى. في هذا الأحد بالتحديد، ذكّرتنا القراءات بأن سلام الله هو الذي يحفظ قلوبنا وعقولنا في المسيح يسوع.

(أبونا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى