روحانيات مسيحـية

البابا فرنسيس: لتفتح الكنيسة أبوابها للنساء اللاتي يعانين من التمييز والعائلات الجريحة

قال الأب الأقدس: لسوء الحظ، هناك بلدان لا تحترم فيها السلطات العامة الكرامة والحرية التي يتمتع بها كل إنسان كابن لله كحق غير قابل للتصرف. غالبًا ما تثقل القيود والواجبات كاهل النساء بشكل خاص، وتجبرهن على اتخاذ مواقع دونية. ولكن منذ البداية، كان هناك نساء أيضًا بين تلاميذ الرب، و”في المسيح يسوع”، كما كتب القديس بولس: “ليس هناك ذكر وأنثى”. هذا لا يعني أن الفرق بين الاثنين قد ألغي، وإنما أن ليس هناك تمييز بين الرجل والمرأة في مخطّط الخلاص: كلاهما ينتمي إلى المسيح، كلاهما “من نسل إبراهيم ويرثان بحسب الوعد”.

جاء ذلك خلال استقبال قداسة البابا فرنسيس للجماعة الأكاديمية للمعهد اللاهوتي البابوي يوحنا بولس الثاني، مؤكدًا على أن العائلات هي “مكان مميز لتعلم واختبار الممارسات الأساسية لكنيسة سينودسيّة”. ولهذه الغاية، يجب أن ينمو فيها الوعي بأنها “أطراف فاعلة وليست مجرد متلقية لراعوية العائلة” ومسؤولة عن “بناء الكنيسة والالتزام في المجتمع”. نحن نعلم مدى أهمية الزواج والعائلة بالنسبة لحياة الشعوب، وقد اعتنت الكنيسة دائمًا بالزواج والعائلة ودعمتهما وبشرتهما.

أضاف الحبر الأعظم: بيسوع المسيح “تحررنا جميعًا من الخطيئة والحزن والفراغ الداخلي والعزلة”، وإنجيل العائلة هو فرح “يملأ القلب والحياة كلها”. هذا الإنجيل هو الذي يساعد الجميع، في كل ثقافة، على البحث دائمًا عما يتوافق مع الإنسان والرغبة في الخلاص المتجذرة في كل رجل وامرأة. إن سرّ الزواج، بشكل خاص، هو مثل الخمر الجيّدة التي قُدِّمت في وليمة عرس قانا. في هذا الصدد، لنتذكر أن الجماعات المسيحية الأولى تطورت في شكل منزلي، ووسّعت النواة العائلية من خلال استقبال مؤمنين جدد، وكانت تجتمع في البيوت. وكبيت مفتوح ومضياف، بذلت الكنيسة منذ البداية قصارى جهدها لكيلا يمنع أي عائق اقتصادي أو اجتماعي الأشخاص من عيش اتباع يسوع. إنَّ الدخول في الكنيسة يعني دائمًا تدشين أخوّة جديدة، مؤسَّسة على المعمودية، وتعانق الغريب وحتى العدو. وإذ تلتزم بالرسالة عينها، لا تغلق الكنيسة اليوم أيضًا الباب أمام الذين يتعبون في مسيرة الإيمان، لا بل تفتحه على مصراعيه، لأن الجميع “يحتاجون إلى عناية رعوية رحيمة ومُشجِّعة”.

تابع البابا يقول: إنَّ “منطق الإدماج الرعوي هو مفتاح المرافقة الرعوية” للذين “يتعايشون مؤجلين إلى أجل غير مسمى التزامهم الزوجي” وللمطلقين والمتزوجين من جديد. “إنهم معمَّدون، وهم إخوة وأخوات، والروح القدس يسكب فيهم المواهب لخير الجميع”: إن حضورهم في الكنيسة يشهد على رغبتهم في المثابرة في الإيمان، على الرغم من جراح التجارب المؤلمة. وبدون أن تستثني أحدًا، تشجع الكنيسة العائلة، القائمة على الزواج، وتساهم في كل مكان وزمان في جعل الرباط الزوجي أكثر صلابة بفضل ذلك الحب الذي هو أعظم من كل شيء: المحبة. في الواقع، إن “قوة العائلة تكمن أساسًا في قدرتها على أن تحب وتعلِّم الحب”؛ ومهما كانت العائلة مجروحة “يمكنها دائمًا أن تنمو انطلاقًا من الحب”.

إن التحديات والمشاكل والآمال التي تؤثر على الزواج والعائلة اليوم هي منقوشة في العلاقة بين الكنيسة والثقافة، والتي سبق أن دعانا القديس بولس السادس إلى النظر فيها، مؤكدًا أن “الشرخ بين الإنجيل والثقافة هو مأساة عصرنا”. لقد عمّق القديس يوحنا بولس الثاني وبندكتس السادس عشر موضوع الانثقاف من خلال التركيز على قضايا التعدد الثقافي والعولمة. إن القدرة على مواجهة هذه التحديات تعتمد على إمكانية القيام بشكل كامل بالرسالة التبشيرية التي تلزم كل مسيحي. وفي هذا الصدد، أغنى السينودس الأخير الوعي الكنسي لجميع المشاركين: إن وحدة الكنيسة ذاتها تتطلب في الواقع الالتزام بتجاوز الغربة أو الصراعات الثقافية، وبناء الانسجام والتفاهم بين الشعوب.

(راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى