افتتاحية العدد

رؤية مصـــر

لا يخفي على أحد أن مصر برؤيتها السياسية الثاقبة أصبحت مركزاً تنظر إليه كل دول العالم. اقتناعها بأن السياسة التي تتبناها مصر وتتعامل من خلالها مع الأزمات الإقليمية المتتالية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط يكتسب أهمية خاصة، إذ دائما ما كانت مصر تنادي بضرورة منح الأولوية لمعالجة الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اندلاع المواجهات السابقة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية ومنها حماس، وكانت الدافع الأساسي للحرب الحالية التي تشنها إسرائيل في القطاع منذ 7 أكتوبر 2023، وذلك عبر إقامة دولة فلسطينية وإنفاذ حل الدولتين.

وتحظى الجهود الحثيثة التي تبذلها مصر من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ووضع حد للتصعيد العسكري الذي طرأ على الساحة الإقليمية، بعد اندلاع الحرب في القطاع، باهتمام خاص على المستوى العالمي. وقد بدا ذلك جليا في اللقاء الذي عقد بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الذي أشاد بالدور الحيوي الذي تقوم به مصر في الوساطة المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية وقطر، بهدف الوصول إلى وقف لإطلاق النار في القطاع. وكان لافتا أن سيجورنيه قام، قبل زيارته للقاهرة، بزيارة إلى لبنان، الذي استقبل أيضا وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، حيث كان العمل على خفض التصعيد الإقليمي وتقديم الدعم للدولة اللبنانية أحد أهم عناوين تلك الزيارة. وتوازى ذلك في مجمله مع البيان المشترك الذي أصدره وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، والذي أكد دعمه للجهود التي تبذلها مصر والولايات المتحدة الأمريكية وقطر في هذا الصدد، كما حضر إلى القاهرة وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية في إطار جولة شرق أوسطية وشكر القاهرة على العمل الحثيث من أجل وقف اطلاق النار والمساعدة في الإفراج عن الرهائن والمعتقلين ودخول المساعدات قطاع غزة، وأثنى على رؤية القاهرة في وجوب إنهاء الحرب فوراً وتنفيذ حل الدولتين.

إن رؤية مصر لهذا الخيار سوف يكون لها دور بارز في تقليص حدة التوتر والتصعيد التي تشهدهما الساحة الإقليمية، وذلك يحظى بأهمية خاصة من جانب القوى الدولية، على أساس أن تفاقم الأزمات في منطقة الشرق الأوسط سوف ينتج ردود فعل مباشرة، سرعان ما سوف تتجاوز بدرجة كبيرة مصلحاتها وتصل إلى أنحاء مختلفة من العالم، وهو ما يمكن أن يفسر أسباب دعم تلك القوى للتحركات والأدوار الفعّالة التي تقوم بها مصر في هذا الصدد  .

الأب رفيق جريش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى