بعد انتهاء الامتحانات خاصة امتحانات الثانوية العامة، أظن أنه جاء الوقت لمراجعة دقيقة وجادة من قبل الحكومة ومؤسساتها لمنظومة التعليم، لأن ما جرى في السنتين الأخيرتين يدل على سوء تقدير وتمييز ما بين النظرية والتطبيق، وما بين المأمول والمتاح، حتى لا نقول بين الأحلام وأرض الواقع. فكل نظرية وتجديد يحتاج إلى بيئة مستعدة ومؤهلة لهذا التغير، بدءً من المدرسين والطلبة وأبنية المدارس والبنية التحتية المؤهلة لهذه التغيرات.
كان العامان السابقان من أسوء التجارب التي مرت على طلبة المراحل الثانوية وأولياء أمورهم والمدرسين، وأعتقد وزير التعليم شخصياً والقائمين على هذه المرحلة في وزارته. فقد انتقلت إلى نظام التابلت الذي لم تكن الطلبة مؤهلين له ولا شبكة الانترنت مؤهلة لتحمل كل هذا العدد الكبير من المستخدمين، ثم تم إلغاء التابلت ثم إلى الـ ONLINE فإلى امتحانات التجربة إلى امتحانات التابلت إلى الرجوع لامتحانات الورق إلى إلغاء الورق والاكتفاء بالبابل شيت إلى كتاب التعريفات ودخول الامتحانات بنظام الكتاب المفتوح وكل يوم قراراً جديداً يلغي السابق وهذا لو تسمحوا لي هذا الأسلوب من استعمال الطلبة كأداة تجارب عيب وليس من شيمة دولة تريد أن تتقدم.
أعرف أن المتحدث الرسمي للوزارة والوزير نفسه سيخرج علينا بمائة حجة وحجة وأولها حجة جائحة كورونا ولكن التغييرات الحادة والمتضاربة لا تقبل أي حجج في بلد لها خبراء كثُر محليين ودوليين في مجال التعليم وفي دولة تريد أن تتقدم وتكون لها مكانتها المحلية والدولية بين الأمم ومكانتها هذه لن تأتي إلا باحترام دول العالم لنظم تعليمنا ونتائج خريجيها، وعلينا أن نعترف أن المبدعين والمخترعين والناجحين المصريين في مصر أو دول العالم نجاحهم بسبب تعبهم الشخصي فقط لا غير وليس نتاج عمل مؤسسة التعليم هذا واقعنا الذي يجب أن نغيره.
التعليم هو العصب الأساسي لأي تغير وتقدم لبلادنا التي تأخرت كثيراً عن الركب العالمي في هذا المجال فأي تطور في مجالات أخرى لن تفيد إذا كانت القيادات المستقبلية لبلادنا لم تتأهل أثناء دراستها تأهيلاً علمياً وجيداً بل سيذهب وستذهب كل المليارات هباء أمام سيطرة نصف جهل قادة المستقبل، فلنتدارك الأمر قبل أن يدهمنا قطار المستقبل.