افتتاحية العدد

سوريا والحذر – الأب رفيق جريش

يذكرني التفجير الذي جرى في كنيسة مار إلياس في دمشق الأسبوع الماضي بحادث مماثل تم في كنيسة سيدة النجاة في بغداد، وذلك في أكتوبر 2010. وتوعدت التنظيمات الإسلامية في ذلك الوقت بأن الهجوم التالي سيكون في مصر، واستخف المسئولين في مصر في ذلك الوقت بالأمر، فكان الانفجار الإرهابي التالي في كنيسة القديسين في الإسكندرية والذى راح ضحيته 24 مسيحيا من المصليين، وذلك فجر الاول من يناير2011. بعدها توالت أحداث ثورة 25 يناير والتي بدأت شبابية طاهرة إلى أن ركبها الإخوان وتنظيماتهم، حتى انتهينا بحكم الإخوان لمدة سنة، إلى أن بارك الله في ثورة أخرى، وهي ثورة الشعب يوم 30 يونيو 2013 التي نحتفل بها هذه الأيام، كما تم حرق الكنائس في 14-15 أغسطس 2013 وإلى آخره من أحداث نحفظها جميعاً عن ظهر قلب.

دائما المكون المسيحي، إن كان في مصر وسوريا أو العراق وغيرها، يعتبر أقلية عددية مسالمة، تكون مستهدفة لأي عمل إجرامي سهل المنال: فالمؤمنون يدخلون إلى الكنيسة في أمان، واصطيادهم عمل سهل، والتنظيمات الإرهابية متدربة على ذلك. هنا يحضرني نبوءة للسيد المسيح في انجيل يوحنا (2: 16) “ستأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله”.

ورغم أن المكون المسيحي هو عبارة عن مواطن متجذر في أرض وطنه منذ آلاف السنين، وهذا ما أكده غبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك الروم الأرثوذكس، والتي تتبعه الكنيسة المنكوبة والمجزرة التي تمت في شعبه، والذي وجه كلامه مباشرة للرئيس السوري أحمد الشرع، وقطع التليفزيون السوري الإرسال عند هذا المقطع الذى فيه أكد السيد البطريرك أن “المسيحيون ليسوا رعايا ولا ذميون بل مواطنون شركاء الوطن والمصير المشترك مع إخوانهم المسلمين”.

إذن اضطهاد المسيحيين في سوريا مزدوج، من التنظيمات الإرهابية المتطرفة من ناحية ومن الدولة السورية التي تتقاعس في حماية المكونات الأخرى مثل المسيحيين والدروز والأكراد وغيرهم من ناحية أخرى.

فكيف ستستقيم الأمور؟ وكيف ستتخلص الدولة من هؤلاء الإرهابيين رغم وعودها للحكومات الغربية ودول العالم؟ وهذا الانفجار الإرهابي ليس الوحيد، فقد تم كتابة رسائل تهديد على جدار الكنائس في دمشق وحماه وغيرهن، وللمسيحيين، بالتمييز الذي يمارس تجاهم، بعد أن فشلت الدولة الجديدة في أن تبسط أمنها على المرتزقة القادمين من خارج سوريا، وفشلت أن تعطي الأمان للسكان، رغم الوعود بالتحول والحداثة الظاهرية الذي ظهروا بها.

يجب أن نأخذ “الحذر” من هذه الدولة، فهشاشتها قد تغري الأشرار ضعاف النفوس لتكرار هذه العملية، ليس فقط في سوريا ولكن في أماكن أخرى. وأقول للمسيحين الشرقيين قول الإنجيل “لا تخف ايها القطيع الصغير” (لو 32: 12) لأن إن كان هناك إرهابي واحد هناك ملايين من إخواننا المسلمين يحبون ويفدون إخوانهم المسيحيين كما تثبته هذه الأحداث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى