استعداداً لصيام الميلاد، ننطلق اليوم في تأملنا من نص لوقا 13: 26-31 المعروف بالغني الجاهل.
ما هي الأشياء التي أمتلكها ولم أستطع أن أتخلى عنها؟
ما هي الأشياء التي تمتلكها ولم تستطع أن تتجرد منها؟ المال بشكل مؤكد، العادات السيئة، الخطيئة، العلاقات العامة، حب السلطة.. أشياء كثيرة! لذلك، يقول لنا يسوع “حيث يكون كنزك يكون قلبك”. وفي الإنجيل، يقول لنا مَثل ما قاله يسوع للرجل الغنى “يا جاهل، اليوم تؤخذ نفسك منك”.
لمن هذه الأشياء التي تكنزها؟ كثيرا ما يكون لدينا أشياء من سنين معتقة وقد تأكلها العثة، ولم نشارك بها أحد. واليوم، لا نريد أن نسمع من الرب عبارة “يا جاهل”، بل نريد أن نسمع منه ” نعما أيها العبد الصالح الأمين كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير. ادخل إلى فرح سيدك” (مت 25: 23). نريد أن نسمع هذه الآية في الملكوت: من المؤكد أن كل منا لديه شيء لابد أن يتخلص منه، والكنيسة تحضرنا لصيام الميلاد وزمن الميلاد.
يحضرنا هذا الإنجيل للصيام وللميلاد وللشتاء أيضا: هل نتجرد من أجل الآخر، أم نستحوذ على الأشياء ونقول مثل الرجل الغنى أهدّ وأبني مخازني، وأقول لنفسي كلي وانعمي. فهل نتنعم وحدنا بالأنانية، أم نشارك الآخرين، الفقراء والمسنين، وكل أخ ومحتاج إلى لذلك؟ الرسالة تقول لنا أن يكون المسيح “حي فيّ” (غلا2:19) بمعنى أن ملكوت الله حي فيّ.
والملكوت هو شيء نحن نبنيه هنا والآن بالمحبة وبالمشاركة والتنازل عن الأشياء وعدم الحقد على الآخر ومحاولة عدم الوقوع في الخطيئة. كل هذه الأشياء ندخل بها الملكوت هنا والآن. نحن نبني الملكوت الآن وليس غدا. كل واحد منا يبني هذا الملكوت. لنعمل لمستقبل كل كلمة نسمعها، لنعمل للمستقبل.
لكن ما هو المستقبل؟ ماجستير؟ دكتوراه؟ أموال كثيرة؟ زوجة حلوة؟ عائلة؟ لكن لا أحد يفكر أن مستقبله هو الأبدية.. عليك أن تفكر في أبديتك من الآن! لا تخافوا من الكلمة، لأننا لابد أن نعرف أننا سفراء.
ونحن نستعد للصيام، نفكر في أبديتنا أثناء ما نبني أبديتنا: إذا لدينا خطيئة نتخلص منها قبل بدء الصيام الجديد، وإذا لدينا سلطة متمسكين بها نتنازل عنها، وإذا أحببنا تملك شخص أو أشياء، نحاول التنازل عنها. فكل هذا يعدنا للملكوت والحياة الأبدية. ورغم أن هذا الإنجيل قصير نسبيا، إلا أنه يجعلنا فعلا نستعد، ونكون فعلا مسيحيين، محبين لبعضنا البعض، متحضرين للملكوت معاً، ومعدين لأبديتنا معاً.