Uncategorized

لجنة “عدل وسلام”: احتلال فلسطين هو السبب الرئيسي للعنف في الأراضي المقدسة

“إنّ السبب الرئيسي والسياق الأساسي لاستمرار العنف في الأراضي المقدسة هو احتلال فلسطين، المستمرّ منذ 55 عام” هذا ما أكدت عليه لجنة “عدل وسلام”، التابعة لمجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة في الأرض المقدسة، بشكل واضح ومباشر، في وثيقة صدرت كمساهمة في التفكير في دوامة العنف الأخيرة التي طالت الأرض الذي عاش السيد المسيح حياته فيها.

وتمثّل الوثيقة فحصًا دقيقًا للأحداث الداميّة الأخيرة التي سيطرت على عناوين أخبار الأشهر الأخيرة في إسرائيل وفلسطين، والتي تم تتبعها في ضوء الأسباب الأخيرة وطويلة الأمد التي أججّت الألم والحداد بين شعوب الأراضي المقدسة. وتشير إلى أنّ “في محاولتنا لفهم جذور هذا العنف، نحن لا نحاول بأي شكل من الأشكال تبريره. ومع ذلك، فإن الفهم هو السبيل الوحيد لبدء إيجاد طريقة للخروج من هذه الحلقة المميتة”.

وتعود كلمة لجنة “عدل وسلام” إلى وفاة الصحفيّة الفلسطينيّة شيرين أبو عاقلة التي قتلت في جنين بتاريخ 11  مايو على يد القوات العسكريّة الإسرائيليّة، وتشير إلى أنها “عضو في جماعتنا المسيحية، ولها شهرة واسعة في المنطقة، ومراسلة للجزيرة”. وتضيف: “إنّ الاعتداء الذي مارسته شرطة الاحتلال على موكب الجنازة الذي حمل نعش شيرين إلى الكنيسة أذهل الجميع”.

لكن الوثيقة تذكر أيضًا أن أعمال العنف التي وقعت خلال جنازة الصحفيّة الفلسطينيّة ليست سوى الحلقة المؤلمة الأخيرة من دوامة العنف التي دمرت الأرض المقدسة مؤخرًا، مع جرائم قتل واعتداءات لم يتم تسجيلها في كثير من الأحيان من قبل وسائل الإعلام. في الشهرين الماضيين فقط، قُتل 45 فلسطينيًا و16 إسرائيليًا وعاملان مهاجران في “دائرة العنف الجديدة” هذه.

وتؤكد الوثيقة أنه “طالما استمر الصراع بين الإسرائيليين اليهود والفلسطينيين العرب، وطالما أنه لا يوجد عدل ولا مساواة ولا سلام في الأرض المقدسة، ولا التزام مخلص لإنهاء الصراع، فسيبقى الموت هو المنتصر. وطالما استمر فرض نظام الاحتلال العسكري على الذين يعيشون في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وطالما استمر نظام التفرقة والتمييز داخل دولة إسرائيل، لن تكون هناك نهاية لدائرة العنف”.

في مقطع رئيسي من الوثيقة مكرّس لوصف الأسباب الجذرية للعنف، لاحظ معدو الوثيقة أن العديد من التحليلات “تنسب العنف إلى أيديولوجيا فلسطينيّة عربيّة أو إسلاميّة، ترفض الاعتراف بإسرائيل، والإسرائيليين واليهود أيضًا. على أن أعمال العنف هذه يجب أن تُحلّل أولاً وقبل كل شيء في إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لا بدّ من التأكيد والتكرار بوضوح لا لبس فيه: العلة الأساسيّة والأولى للعنف هي الاحتلال العسكري في المناطق الفلسطينيّة، وقد مضى عليه أكثر من خمس وخمسين سنة. إنّ عنف الاحتلال، الذي ورد ذكره في الوثيقة، يشمل “مصادرة الأراضي، والاعتقال الإداري، ومنع تصاريح البناء، وهدم البيوت، وتقييد حرية الحركة، وخنق التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والحصار المستمر على قطاع غزة”.

وتشير الوثيقة إلى التوترات الجديدة التي جعلت من المدينة المقدسة مركزها، وتشمل “التهديدات المستمرة للوضع الراهن في الحرم الشريف (الذي يسميه الإسرائيليون باسم جبل الهيكل)، والقيود الخانقة المفروضة أمام الوصول إلى الأماكن المقدسة المسيحية (لاسيما في يوم سبت النور، هذه السنة، في كنيسة القيامة)، والمحاولات المستمرة لمصادرة بيوت الناس وإخراجهم منها، وتسكين المستوطنين اليهود محلهم، خاصة في الشيخ جراح وسلوان”. وتشير إلى أن معظم أعمال العنف توقع الضحايا بين الفلسطينيين، يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ومجموعاتهم الناشطة، الذين يحتلون الأراضي الفلسطينية ويعيشون بشكل غير قانوني في الأراضي التي تحتلها إسرائيل”.

حتى ما يسمى بـ”اتفاقات إبراهيم” بين إسرائيل وبعض الدول العربيّة، والتي روّجت لها الإدارة الأمريكية في عهد ترامب، “زادت الشعور بالإحباط واليأس في قلب موجات العنف الأخيرة. وقَّعَت إسرائيل الآن على عدد من اتفاقات السلام مع بلدان ليست خصمًا لها. هذه الاتفاقات تسعي لتحقيق مصالح مشتركة في المنطقة، منها معارضة إيران، والتعاون الاقتصادي والعسكري. لكنها تتجاهل بوقاحة الصراع الحقيقي في إسرائيل وفلسطين وحقوق الفلسطينيين. هذه الاتفاقات في نظر الفلسطينيين، ما هي إلا زيادة الإهانة على الإهانة، وتراكم الظلم على الظلم، وتثبِّت شعورهم بأنهم، في نظر إسرائيل وكبار الأسرة الدولية”.

وجاء أيضًا في الوثيقة السيناريوهات الدولية الجديدة التي فتحها الصراع في أوكرانيا، انتهى بها الأمر أيضًا إلى التأكيد على عدم تناسق ردود أفعال المجتمع الدولي في مواجهة حالات الصراع المختلفة: “حالما بدأت روسيا غزوَ أوكرانيا، أدان المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الغزو، فورًا، وفُرِضَت عقوبات واسعة وشديدة على روسيا من قبل العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ذلك من أجل الضغط على النظام الروسي للانسحاب من الأراضي الأوكرانية والتوقف عن العدوان”.

وتشير الوثيقة الصادرة عن لجنة “عدل وسلام” الأسقفيّة، إلى أنّ  فلسطينيين كثيرون يقارنون هذه الأحداث في أوروبا الشرقية مع عقود من الصراع في وطنهم. فقد احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، وفرضت نظام تمييز وعدم مساواة على الفلسطينيين داخل إسرائيل منذ سنة 1948. ومع ذلك، فإن أولئك الذين شددوا في إدانة العدوان الروسي، لم يفعلوا شيئًا يُذكر للتنديد بالاحتلال وبالتمييز الإسرائيلي. ازدواجية المعايير هذه لا تؤدي إلا إلى زيادة الإحباط واليأس الفلسطيني”.

في الجزء الختامي، تطالب الوثيقة السلطات الإسرائيليّة “بالنظر في أسباب العنف الحقيقية. كلنا ضحايا لهذا العنف. والرد على العنف بالعنف، إنما هو منطق انتقام لن يتوقف أبدًا، وليس الرد الصحيح. لكل من إسرائيل وفلسطين الحقوق نفسها: الحق على الأمن، والحرية، والكرامة، وتقرير المصير. ولن ينتهي العنف إلى أن تتحقق هذه الحقوق” لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.

( المصدر ابونا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى