Uncategorized

“عقد إيجار غامض” يهدد أبناء الجماعة الأرمنية في القدس

أثار إيجار قطعة أرض وعقارات في قلب القدس حالة من الذعر في المجتمع الأرمني بالمدينة، وتساءل أبناء الجالية عن كيفية انتقال عقاراتهم إلى مستثمر غامض.

لمس عقد الإيجار الممتد لمدة 99 عامًا لنحو 25 بالمائة من عقارات الحي الأرمني في القدس وترًا حساسًا، مثيرًا جدلاً واسعًا أجبر بطريرك القدس للأرمن الأرثوذكس على الانعزال في دير، ودفع كاهنًا يزعم أنه وراء صفقة الإيجار إلى الفرار إلى ضواحي لوس أنجلوس.

وفي أواخر أبريل، انتشر القلق بشأن عقد الإيجار بعد زيارة مفاجئة قام بها موظفو مساحة أراضي إسرائيليون. وانتشرت الأخبار عن أن مستثمرًا “أستراليًا- إسرائيليًا” ظهرت لافتة شركته الغامضة في الموقع، يخطط لتحويل مرآب السيارات والقلعة المشيدة بالحجر الجيري إلى فندق فخم.

ومع تصاعد الغضب والبلبلة والمخاوف من عمليات إخلاء محتملة، أقرت البطريركية الأرمنية، وهي الهيئة المنوطة بالشؤون المدنية والدينية للجالية، بأن الكنيسة” وقعت على عقد إيجار قطعة الأرض”. وزعم البطريرك الأرمني، نورهان مانوجيان، أن كاهنًا “مفصولا من الخدمة” يتحمّل المسؤولية الكاملة عن صفقة “الاحتيال والخداع” التي قال إنها تمت دون علمه. وألهب الاعتراف المشاعر في الحي الأرمني، فشجب نشطاء الصفقة ووصفوها بأنها تهديد لوجود الجالية القديمة في القدس.

وقال الأردن، الذي له علاقات تاريخية بالمواقع المسيحية في القدس، إنه يخشى على “مستقبل المدينة المقدسة”. كما اتهم مسؤولون فلسطينيون، البطريرك الأرمني بـ”مساعدة إسرائيل في معركتها المستمرة ضدهم منذ عقود”، حول مدينة يزعم الجانبان أنها عاصمتهم.

بالنسبة للفلسطينيين، تمثل هذه النزاعات على العقارات محور الصراع المستمر منذ عقود، ورمزًا لما يرون أنه جهد إسرائيلي أوسع لإزالة هذه العقارات من مناطق استراتيجية في القدس الشرقية. وقال ديميتري ديلياني، رئيس الائتلاف الوطني المسيحي في القدس “من وجهة نظر فلسطينية تعد هذه خيانة… ومن وجهة نظر نشطاء السلام يقوض هذا أي حل ممكن للصراع”.

وعلق الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والملك عبدالله الثاني، الاعتراف بالبطريرك مانوغيان الذي خدم طوال العقد الماضي، في منصب عادة ما يكون إلى مدى الحياة. وأدت هذه الخطوة إلى جعله غير قادر على توقيع عقود وإجراء معاملات واتخاذ أي قرارات تخص الأراضي الفلسطينية والأردن.

وأطيح بالكاهن باريت يريتسيان، الذي قام بتنسيق الصفقة، واعتدى عليه حشد من الشباب الأرمن الغاضبين، واحتجزته الشرطة الإسرائيلية قبل أن يلتمس اللجوء في جنوب كاليفورنيا، بينما اعتزل مانوجيان في دير الأرمن، غير راغب أو غير قادر على الظهور علنًا، وفقًا للسكان.

وقال رئيس الجالية، هاجوب دجيرنازيان (22 عاما) “هذا الحي هو كل شيء بالنسبة لنا، إنه المكان الوحيد الذي يتجمع فيه الأرمن في الأرض المقدسة، علينا أن نقاتل من أجله”. ويضم الحي حوالي 2000 أرميني يتمتعون بنفس المكانة التي يتمتع بها الفلسطينيون في المدينة التي ضمتها إسرائيل، وهم سكان لكنهم غير مواطنين. وخلال الشهر الماضي، توافد المتظاهرون على نافذة مانوغيان، وهم يهتفون “خائن” ويطالبون بالإفصاح عمن استأجر الأرض وكيف تم ذلك.

وبينما رفضت الكنيسة الأرمنية الكشف عن تفاصيل الصفقة، كشف يريتسيان عن أن المستثمر هو رجل الأعمال الأسترالي الإسرائيلي، داني روثمان، وبصفته مسؤولا عن إدارة العقارات في الكنيسة، قال يريتسيان إنه كان يتصرف بناء على طلب البطريرك وبمعرفته.

وبعدها بأسابيع، دق عشرات الكهنة الأرمن ناقوس الخطر لأول مرة حول صفقة عقارية تم إبرامها دون موافقتهم، وظهرت لافتة مؤخرا في مرآب السيارات التابع للأرمن يشير إلى أنه ملك لشركة زانا كابيتال. ورفض روثمان، المقيم في لندن، التعليق عندما اتصلت به أسوشيتد برس، قائلا “لم أجر من قبل مقابلة صحفية”.

بينما ذكر الكاهن المشلوح المنفي ذاتيا، يريتسيان، أن روثمان يخطط لإنشاء منتجع كبير من فئة “سبع نجوم” في الحي الأرمني. وأضاف أن المشروع ستديره شركة فنادق “ون آند أونلي” الفاخرة ومقرها دبي. ويبدو أن الصفقة واحدة من أكثر الصفقات شهرة وإثارة للجدل من بين العلاقات التجارية التي تم إبرامها بموجب اتفاقيات إبراهيم. وامتنعت الخارجية الإسرائيلية عن التعليق متعللة بـ”حساسيات سياسية”.

في السابق، أحاطت فضائح متعلقة ببيع أراض لمستوطنين يهود بالكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، الوصية على العديد من المواقع المسيحية في المنطقة. وقبل عقدين، باعت الكنيسة اليونانية فندقين يديرهما فلسطينيون في البلدة القديمة لشركات أجنبية تعمل كواجهات لمجموعة مستوطنين يهودية. وأدت الصفقة السرية إلى الإطاحة بالبطريرك اليوناني، كما أثارت ضجة دولية.

وامتنعت البطريركية عن الإفصاح عما ستفعله بأموال الإيجار. في غضون ذلك، يرى أرمن القدس أنهم “يعيشون في رعب”، بعدما حكمتهم قوى أجنبية لفترة طويلة، وشردتهم الحروب، وهم حاليا محاصرون بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويقول ساتريغ باليان (26 عامًا) “حصلنا على أراضينا شبرًا شبرًا بالدم والعرق، وبتوقيع واحد تم تسليمها”.

(المصدر أبونا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى