
عدد من رؤساء الكنائس في العراق يعقدون اجتماعًا استثنائيا
بدعوة من البطريرك الكلداني الكاردينال لويس روفائيل ساكو، عقد بعض رؤساء الكنائس في العراق اجتماعًا استثنائيا، صباح الثلاثاء 28 نوفمبر، في الدير الكهنوتي بعنكاوا – أربيل، في بداية الاجتماع وقف المشاركون دقيقة صمت للصلاة عن راحة أنفس ضحايا محرقة قره قوش، والحرب الدامية بين إسرائيل وفلسطين.
وصدر عن الاجتماع بيان جاء فيه؛ المسيحيون ليسوا أقلية في وطنهم، ولا جالية أو بضاعة مستوردة، جذورهم عميقة في العراق قبل المسيحية وبعدها، وحضورهم لم ينقطع، للمسيحيين قبل مجيء الإسلام وبعده دور متجذر في تاريخ العراق، بلاد الرافدين، بلاد “البدايات” والحضارات الأولى، أنهم يشكلون جزءًا أساسيًّا من إرثه الثقافي والاجتماعي والوطني، المسيحيون بطبيعتهم وعقيدتهم مسالمون، لا يميلون إلى العنف والثأر، بل إلى المحبة والرحمة، لكن بالرغم من ذلك تعرضوا لضغوطات واعتداءات ومحاولات الاستيلاء على بيوتهم وأملاكهم بطرق ملتوية مما دفع المقتدرين من أبنائهم إلى الهجرة للمحافظة على حياتهم ومستقبل أولادهم.
واستكمل البيان: جُلَّ ما نخشاه الآن هو استمرار الدولة بعدم اتخاذ إجراء جديّ للمحافظة على حقوق المسيحيين، وإنصافهم وإعادة ممتلكاتهم المغتصبة. وقد طالبنا أكثر من مرة تسليم الملف الأمني في هذه البلدات إلى الشرطة الاتحادية، لكن لا احد يستجيب إلى طلبنا. من هذا المنبر ندعو المسيحيين إلى التمسك بهويتهم وأداء دورهم الوطني، من خلال الانخراط في العملية السياسية ومؤسسات الدولة بكل مهنية وإخلاص خدمةً لبلدهم، مستندين بذلك على فهمٍ أعمق لرسالة المسيح، رسالة الأخوة والمحبة والعيش المشترك المتناغم والالتزام بها قولًا وفعلاً، مما يمكّنهم من مواصلة علاقتهم بوطنهم ومواطنيهم، وتعزيز التآلف والتآزر والتعاون في بناء دولة المواطَنَة، دولة مزدهرة، دولة تعزز مفهوم العائلة الواحدة مسيحيين ومسلمين وآخرين. ومن جهتنا نحن رعاة الكنيسة، إذ نصمم على مواصلة رسالتنا الروحية والأخلاقية والوطنية، نُعرِب لكم عن وقوفنا إلى جانبكم وخدمتكم والدفاع عن حقوقكم وكرامتكم، ونسأل الله أن يَمنّ على المسؤولين العراقيين بنعمة الحكمة والشجاعة على محاربة الفساد وإنهاء المحاصصة الطائفية، وحصر السلاح بيد القوى الشرعية الدستورية، وتحصين الجيش والشرطة وتقوية مؤسسات الدولة من أجل استقرار البلاد وتقدمها والمحافظة على حقوق المواطنين وضمان عيشهم بحرية ورخاء وكرامة.
وتابع البيان: إنّنا ندين بشدّة المحرقة البشعة التي طالت أهالي قره قوش الحمدانية في 26 سبتمبر التي صدَمتنا وآلمتنا وقد قضت على حياة أكثر من 133 شخصًا، وخلَّفَت عددًا من الجرحى، ونطالب الحكومة العراقية القيام بتحقيق جدّي لمعرفة مسببي الحادثة ومحاسبتهم، وإنّنا نعلن رفضنا المطلق لسحب المراسيم من رجال الدين المسيحيين، هذا التقليد موجود منذ زمن العباسيين وإلى اليوم، ومعمول به في الدول العربية حيث توجد كنائس، هذه المراسيم مهمة كونها تعترف برئيس كل كنيسة ووصايته على أوقافها، واستنكر البيان بشدّة الحرب المدمِّرة الدائرة في الأراضي المقدسة والتي بلغت حدّ ارتكاب مجازر ضدّ الإنسانية في انتهاكٍ للقانون الدولي والإنساني، ونتمنى ألا تتسع ساحة الصراعات فتشمل بلداننا.
ودعا البيان جميع أصحاب الضمائر الحية إلى المطالبة بوقف العمليات العسكرية نهائياً، والعمل على تحقيق حلّ الدولتين، وهي ضرورة وطنية وإنسانية وعربية ودولية، إنهاء هذا الصراع التاريخي، يمنع تأجيج الحقد والكراهية بين شعوب المنطقة، مؤكدين على أن الكنيسة لا تتدخل في موضوع انتخابات مجالس المحافظات بسبب غياب اُفق واضح لوجود هذه المجالس، واقترحت الكنائس إعادة صياغة قانون الديوان وذلك بتشكيل لجنة مشتركة من الديانات والحكومة، وإلغاء مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد والسنة الجديدة، ونعلن اقتصار الاحتفالات على الصلوات والطقوس الكنسيّة، احتراما لضحايا قره قوش والأراضي المقدسة لذا سيتعذّر علينا تَقبُّل التهاني واستقبال المسؤولين في الكنائس.
في الختام رفع المجتمعون الشكر لله الذي رافقهم في اجتماعهم، متضرّعين إليه، أن يبسِط سلامه على العراق والمنطقة.
يا رب السلام امنح بلادنا السلام.
(أبونا)