صام فيه المسيح 40 يومًا بعد تعميده بنهر الأردن.. “دير أريحا”.. حكاية بناية عمرها 17 قرنًا
يمثل دير أريحا الأثرى الواقع في مدينة أريحا بالضفة الغربية في دولة فلسطين، أهمية تاريخية ودينية، خاصة للأقباط في العالم، حيث يعتبر بمثابة منطقة حجيج مسيحية وزيارة غير عادية، نظرًا لطبيعة الموقع الذي يضم الدير، كونه يقع أعلى قمة “جبل قرنطل” أو “جبل الأربعين” كما يطلق عليه، ويرتفع بمثابة 350 مترًا فوق سطح البحر.
يعتبر الدير بمثابة منطقة حجيج مسيحية لكل أقباط العالم، يصعدون الجبل في ممرات ضيقة متعرجة مارين على كهوف سكنها الرهبان في عصور مختلفة، تبركًا بهذا الموقع الروحى، علاوة على قلالى الرهبان وغرف بنيت في القرن الثامن عشر الميلادى لراحة الزائرين لهذه المواقع حتى الوصول إلى الدير التاريخى.
يقع جبل قرنطل، الذي يضم بين جنباته دير أريحا الأثرى، في مدينة أريحا بالضفة الغربية في دولة فلسطين، حيث يبرز جبل شامخ بارتفاع 350 مترًا، يُعرف بأسماء عديدة، أبرزها “جبل قرنطل”، لأنه يرتبط باسم الدير المحفور بين صخوره، ويحمل دلالات تاريخية ودينية تؤهله للظهور بوضوح على خريطة السياحة الدولية.
والبعض يطلق عليه “جبل الأربعين”؛ نسبة إلى صيام السيد المسيح 40 يومًا داخل الدير الموجود أعلى قمته، حيث يعود تاريخ الدير إلى عام 325 ميلادى في عصر الملكة هيلانة، واكتسب أهمية دينية لدى الأقباط كون السيد المسيح صام في الدير 40 يومًا بعدها لجأ إليه فور تعميده في نهر الأردن.
وقال الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إن شهرة دير أريحا جاءت من بنائه فوق الجبل الشهير الذي صام عليه السيد المسيح 40 يومًا بعد تعميده في نهر الأردن، وهو جبل قرنطل أو جبل الأربعين، وبنت عليه الإمبراطورة هيلانة، أم الإمبراطور قسطنطين عام 325 ميلادية، الدير الشهير المعروف بدير أريحا الأثرى، حيث يبلغ عمره 1700 سنة.
وأضاف “ريحان”، أن الهدف من صيام السيد المسيح في الدير هو الرغبة في أن يرسم طريق الجهاد والنصرة على الشيطان، إذ قال لتلاميذه: «إن هذا الجنس (أى جنس الشيطان) لا يمكن أن يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم»،
وبالتالي فالصوم والصلاة هما اللذان يخرجان الشياطين ويقهران سلطانهم اللعين. وأشار إلى أن الإمبراطورة أو القديسة هيلانة، كما يطلق عليها، اشتركت مع ابنها الإمبراطور قسطنطين في إقامة الكنائس الشهيرة في بيت لحم وأورشليم.
وكان لها الفضل في اكتشاف الصليب المقدس، فقد رأت القديسة في الليل من يقول لها: “امضِ إلى أورشليم وافحصى بتدقيق عن الصليب المجيد والمواضع المقدسة”، فأرسلها قسطنطين مع حاشية من الجند إلى أورشليم، فبحثت عن عود الصليب المجيد حتى وجدته كما وجدت الصليبين الآخرين، وأعلمها القديس مقاريوس، أسقف كرسى أورشليم، بأنه هو الصليب المكتوب أعلاه “هذا هو يسوع ملك اليهود”.
وكان لها الفضل في بناء عدة كنائس في مصر، أشهرها كنيسة العليقة الملتهبة عند جبل موسى في القرن الرابع الميلادى، والذى أدخلها الإمبراطور جستنيان داخل أسوار أشهر أديرة العالم وهو دير طور سيناء، الذي أنشأه في القرن السادس الميلادى، ثم تحول اسمه إلى دير سانت كاترين في القرن التاسع الميلادى، بعد العثور على رفات القديسة كاترين على أحد جبال سيناء، والذى حمل اسمها، كما أوقفت الكثير من الأوقاف على الكنائس والأديرة والفقراء حتى وفاتها عام 327 ميلادية.
وأضاف عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن دير أريحا يحظى بزيارة العديد من السياح من جنسيات مختلفة في سياحة روحية، إذ يعتبر بمثابة منطقة حجيج مسيحية لكل أقباط العالم، يصعدون الجبل في ممرات ضيقة متعرجة، مارين على كهوف سكنها الرهبان في عصور مختلفة، تبركًا بهذا الموقع الروحي، علاوة على قلالي الرهبان وغرف بنيت في القرن الثامن عشر الميلادي لراحة الزائرين لهذه المواقع.
كما يوجد تلفريك يُيسر على الزوار الوصول إلى الدير بطول 1330 مترًا وارتفاع 177 مترًا، يمر من خلال العديد من المعالم الأثرية، منها طواحين السكر التي اشتهرت بها أريحا، مشيرا إلى أن مدينة أريحا تعد من المدن الموضوعة على القائمة المؤقتة للتراث العالمي باليونسكو منذ عام 2022 لتميزها بالعديد من الآثار، منها دير أريحا وتل السلطان وقصر هشام المعروف بـ”خربة المفجر”.
يشار إلى أنه انضمّت دولة فلسطين رسميًا إلى اليونسكو في 31 أكتوبر 2011، بعد تأسيس مكتب اتصال في رام الله عام 1997، وعملت السلطة الوطنية الفلسطينية خلال العقود الماضية على إصدار وتعديل العديد من التشريعات والقوانين المتعلِّقة بحماية الآثار والتراث، من أهمها قانون الآثار الأردنى رقم 51 لعام 1966 وقانون التراث الثقافي المادي الفلسطيني رقم 11 لعام 2018، وهما من اختصاص وزارة السياحة والآثار الفلسطينية المؤسَّسة منذ عام 1994.
كما صادقت دولة فلسطين على اتفاقيّة حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي 1972 في 8 ديسمبر 2011، ما جعل مواقعها التاريخيّة مؤهَّلة لإدراجها على قائمة التراث العالمي، حيث أُدرِجت ثلاثة مواقع منذ عام 2012، وكانت بلدة القدس القديمة وأسوارها أول ترشيح في فلسطين التاريخيّة يُدرَج على القائمة بناءً على طلب من الحكومة الأردنيّة في 16 ديسمبر 1981، وأُدرِج أول موقعين داخل الخط الأخضر على القائمة عام 2001 هما: (البلدة القديمة في عكا، وجبل مسعدة في صحراء النقب).
(المصدر الاقباط اليوم)