Uncategorized

“سيّدة تراباني”.. موكب ديني يبرز قرنين من الحضور الإيطالي في تونس

في ضاحية العاصمة التونسية حلق الوادي، يُحتفل كل سنة بدورة لـ”سيدة تراباني” من كنيسة صغيرة إلى شاطىء البحر، في موكب يعكس نجاح اندماج إيطاليي تونس على مدى قرنين الذي يعتبره أحفادهم نموذجًا يجب الاقتداء به في استقبال المهاجرين الجدد، ويجري الموكب في 15 اغسطس من كل عام في حلق الوادي وسط صلاة “السلام عليك يا مريم” وزغاريد نساء مسلمات.

وكان هذا التقليد السنوي استؤنف في 2017 بعدما وضعت تونس المستقلة في 1964 حدًا له، ويقول المطران إيلاريو أنتونياتسي (74 عامًا) أنه كل عام “يُنقل تمثال العذراء أبعد قليلا” خارج محيط الكنيسة الصغيرة خصّصها لها في 1848 أحمد باي الأول المولود لأم إيطالية من سردينيا. ويضيف المطران الذي يعيش في المنطقة العربية منذ خمسة عقود، أن تونس “حيث يُحترم المسيحيون” ويُقبلون هي “البلد الوحيد في المغرب (العربي) الذي يمكن أن يتم فيه هذا النوع من المسيرات”، مؤكدًا نها تمثّل “قدوة لدول عربيّة عدة”.

هذا الموكب كان ينظمه صيّادون صقليّون استقروا في البلدة الساحليّة الصغيرة قرب تونس ويشارك فيه مسلمون ويهود من حيّ “صقليّة الصغيرة”.

وفي فيلم وثائقي بعنوان “صقليو إفريقيا. تونس: أرض الميعاد” عرض قبل بداية الصيف، أراد ألفونسو كامبيسي وهو نفسه حفيد صقليين هاجروا إلى تونس في 1830، “سرد القصة المنسيّة” لـ130 ألف من إيطاليي تونس أغلبهم صقليون.

لا يزال حضور الإيطاليين مؤثرًا في اللغة والعمارة والمطبخ في تونس مع أن معظمهم اضطروا لمغادرة البلاد بعد الاستقلال في 1956 خصوصًا بسبب قوانين تأميم أراضي الأجانب وتونسة المهن. ومن أشهر وجوه هذه الجالية النجمة السينمائية كلوديا كاردينالي التي ولدت في حلق الوادي.

يبدو التراث الإيطالي ماثلا في كل مكان: في مباني “المدينة الأوروبيّة” في تونس وعلى لافتات باللغة الإيطالية وأسماء أصناف الأسماك (“تريليا” للبوري الأحمر) وفي تعبيرات مثل “داكوردو” (حسنًا) أو لتسمية حرف قديمة مثل جامع “الروبا فيكيا” (الأغراض القديمة) الذي يجول الأحياء الشعبية.

ويوضح كامبيسي أستاذ الحضارة الإيطالية في تونس أن فكرة الفيلم ولدت “عندما قال لي صقليون من الجالية القديمة – بضع مئات – +اسمح لنا بالتكلم فنحن الشعب الصامت+”. وتؤكد أستاذة اللغة إيطالية في الجامعة التونسية نادية ناجي لفرانس برس أنه على الجانب التونسي من المتوسط “نجهل أيضا تلك الفترة من التاريخ، هناك حلقة مفقودة” بما في ذلك الكتب المدرسية، وتعكس هذه الذاكرة فترة طويلة من التعايش بين جاليات متنوعة تضم أكثر من 100 ألف يهودي وآلاف المالطيين واليونانيين والإسبان.

( المصدر ابونا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى