نثمن التدابير السياسية والعسكرية الهادئة والحذرة التي اتخذتها الإدارة المصرية أثناء أزمة الجنود المصريين الذين احتجزوا لعدة أيام في السودان من قبل قوات من المفترض أنها صديقة والذين رجعوا إلى بلادهم سالمين والحمد لله بعد أن دب القلق في قلوب المصريين وبدأت السيناريوهات المختلفة تجد طريقها في جلسات المصريين ووسائل التواصل الاجتماعي .
السودان تربطها بمصر روابط كثيرة قلما نجدها بين بلدين متجاورين فبجانب نهر النيل الذي يربط بيننا إلا أن هناك تاريخ مشترك قديم منذ أيام الفراعنة الذين ذهبوا إلى منابع النيل حتى مقاومة الاحتلال الإنجليزي كذلك هناك روابط الدم العائلية والتبادل الجامعي ومدارس البعثة المصرية بالسودان والتبادل الطلابي بين البلدين والتبادل التجاري والزراعي والصناعي بين البلدين والشيء بالشيء يذكر أن هناك جالية سودانية كبيرة تقدر بخمسة ملايين سوداني قبل الأزمة الأخيرة يعيشون بين أخواتهم المصريين على الحلوة والمرة وكذلك جالية مصرية كبيرة في السودان، خلاصة القول أن علاقة السودان بالنسبة لمصر ومصر بالنسبة للسودان هي علاقة روابط شعب وتاريخ وجغرافيا يتعدى إدارة الحكام والسياسيين .
لذا على مصر أن تكون دائماً حاضرة وفاعلة في كل ما يخص السودان الشقيق وعنصر مصالحة بين الفرقاء السودانيين أنفسهم ولا يصح أن يفاجئ الشعب المصري بحرب أهلية مفاجئة في الحديقة الخلفية لبيته تهدد استقرار المنطقة .
السودان هو سلة طعام الدول العربية جمعاء ويحتكم على ثروات هائلة مثل الذهب والبترول والحديد واليورانيوم وغيره ورغم ذلك شعبه من أفقر الشعوب الأفريقية وذلك بسبب ضعف التنمية والوقوع في فخ السياسة المتقلبة ، فالسودان شاهد 17 انقلابا منذ استقلاله وانقسام جنوب السودان عن شماله ووجود احتمالية انقسامات أخرى في ظل المعارك والمؤامرات الحالية والرغبة في الاستئثار بالسلطة ولا ننسى أن قوى الشر التي حكمت مصر مدة سنة وفشلت تلعب هي أيضاً دوراً شريراً فيما يحدث على حدودنا الجنوبية.
لا ننسى أن جراء هذه المعارك هو نزوحاً جديداً للسودانيين ،فتشتت العائلات ونزحت إلى الدول الحدودية مثل مصر وتشاد وجيبوتي وأثيوبيا ومِن مَن نزحوا هم المسيحيون والرهبان والراهبات الذين يديرون المستشفيات ومستوصفات ومدارس حتى تكون التنمية أولى ضحايا هذه الحرب الأهلية .
لذا علينا حكومة وشعباً الحذر الشديد وانتشال أخواتنا في السودان من هذه الحرب الدائرة والمرشحة أن تطول ولا يخفى على أحد احتياج السودانيين الشديد إلى الطعام والدواء والكساء الناقص بشدة في هذه الأيام العصيبة . وخيراً تفعل مصر بإرسال طائرات للإجلاء واستقبال الأخوة السودانيين على نقاط الحدود وتذليل كل العقبات حتى يستطيعوا أن يدخلوا إلى مصر أمنين .
الأب رفيق جريش