المطران كيكوتشي: كاريتاس تساعد الأشخاص المنسيين لكي يجدوا الرجاء
مساء السبت المصادف في الثالث عشر من مايو وخلال انعقاد الجمعية العامة الثانية والعشرين لهيئة كاريتاس الدولية، تم انتخاب المطران تارسيسيوس إيساو كيكوتشي رئيس أساقفة طوكيو ورئيس مجلس أساقفة اليابان والأمين العام لاتحاد مجالس أساقفة آسيا رئيسًا جديدًا للهيئة الكنسية، وللمناسبة أجرت وسائل الإعلام الفاتيكانية مقابلة مع المطران كيكوتشي تحدث فيها عن أهدافه في هذه المهمة الجديدة وعن عمل هيئة كاريتاس مع الأشخاص المنسيين.
في جوابه على سؤال أهدافه لهذه المهمة في دوره الجديد كرئيس كاريتاس قال المطران كيكوتشي إنّ هيئة كاريتاس الدوليّة، أو منظمة كاريتاس نفسها، هي ثاني أكبر وكالة مساعدات إنسانية في العالم بعد هيئة الصليب الأحمر الدولية. لذلك فهي معروفة كمنظمة غير حكومية مهنية تقدم المساعدة للأشخاص الذين يعيشون في ظروف صعبة. لكن في الواقع، لا يتعلق الأمر فقط بكوننا منظمة غير حكومية، ولكننا أكثر من ذلك بكثير. نحن منظمة كنسية كاثوليكية، ومؤسسة خدمة تابعة للكنيسة. وبالتالي فهذا يعني أنه من المفترض أن تكون كاريتاس شاهداً لمحبة الله. إنَّ ما نقوم به ليس فقط توفير الطعام أو المواد أو أي نوع من المساعدة، ولكننا نريد أن نكون شهودًا لمحبة الله وأن نُظهر للأشخاص أن هذه هي الطريقة التي يحب بها الله جميع الناس.
تابع المطران كيكوتشي مجيبًا على سؤال حول الأشخاص المنسيين الذين شكّلوا محور الجمعية العامة وحول الطريقة التي تتواصل فيها كاريتاس معهم وقال أود أن أعتمد على خبرتي الخاصة كمتطوع في كاريتاس. في عام ١٩٩٥، كنت متطوعًا في كاريتاس اليابان، وتم إرسالي إلى مخيم للاجئين في رواندا، في بوكافو، زائير [الآن جمهورية الكونغو الديمقراطية]. وهناك قابلت عددًا كبيرًا من اللاجئين. بالطبع، كان ينقصهم كل شيء. لم يكن لديهم طعام ولا ملابس ولا مأوى، وكان الناس بحاجة إلى كل شيء. ثم، في المرة الثانية التي ذهبت فيها إلى مخيم للاجئين، التقيت ببعض المسؤولين وسألتهم عما يحتاجون إليه. وكنت أتوقع من المسؤول أن يقول لي “نحتاج إلى طعام، نحتاج إلى تعليم، نحتاج إلى دواء، نحتاج إلى مأوى” – أو شيء من هذا القبيل. بمعنى آخر، قائمة طويلة من الاحتياجات. لكن بدلاً من ذلك، قال، “يا أبتي، أنت من اليابان. لذلك، عندما تعود إلى اليابان، أخبرهم أننا ما زلنا هنا: لقد تمَّ نسياننا جميعًا. وهذا الأمر صدمني حقًا. بعد هذه الخبرة، التقيت بالعديد من الأشخاص في مناطق مختلفة، في بلدان مختلفة ضربتها كارثة، أو أشخاصًا في مناطق مزقتها الحروب أو مناطق الصراع. وسمعت القصة والصرخة عينها مرارًا وتكرارًا، لقد تمَّ نسياننا. وبالتالي فهذه هي المهمة الحقيقية لكاريتاس: مساعدة الأشخاص لكي يعرفوا أنّه لم يتمَّ نسيانهم. نحن نريد أن نكون معهم. بالطبع، نحن نقدم المساعدة المهنية، لكن في الوقت عينه نريد أن نقول لهم بأننا دائمًا معهم، وأننا نعمل معهم دائمًا، وأننا نتذكرّهم على الدوام، وأنّه لن يتم استبعاد أحد، ولن يتمَّ نسيان أحد.
أضاف المطران كيكوتشي مجيبًا على سؤال حوك كيف سيؤثّر كونه كاهنًا مرسلاً ومتطوعًا سابقًا في كاريتاس على مهمّته الجديدة وقال أنا أنتمي إلى مرسلي الكلمة الإلهية. بعد سيامتي الكهنوتيّة عام ١٩٨٦، تم إرسالي إلى غانا في غرب إفريقيا. وهناك عملت في رعيّة في أعماق الأدغال، بدون كهرباء وبدون ماء. ومكثت هناك لمدة سبع سنوات ككاهن رعية. وكانت تلك الخبرة مهمة جدًّا بالنسبة لي وقد ساعدت في تكوين هويتي، على ما أعتقد. خاصة في ذلك الوقت، في عام ١٩٨٦، لم يكن الاقتصاد جيدًا في غرب إفريقيا، وكان الناس يعيشون في حالة فقر مُدقع. وكان كثير من الناس يموتون بسبب غياب العلاجات المناسبة، وكان فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) ينتشر. لقد كان هناك جميع أنواع المشاكل. لكن الناس بدوا سعداء جدًّا. كل يوم، كانوا يبدون سعداء ولم تكن الابتسامة تفارق وجوههم. لذا سألت العديد من الأشخاص في رعيتي: “لماذا أنتم سعداء؟” وقال لي أحدهم مازحا: “يا أبتي، لدينا السحر الغاني!” وما هو سحرهم؟ إنها قناعتهم بأن هناك من سيساعدك وأنّه لن يتمَّ نسيان أحد. في هذا النوع من الخلفية الثقافية، يدعم الناس بعضهم البعض. لذا، لا ترى أشخاصًا يموتون على جانب الطريق، لأنه لن يتمَّ نسيان أحد. هذه القناعة تخلق حقًا الرجاء في الحياة. لذلك كان هذا هو أساس إيماني أنه إذا لم ننسى الأشخاص، فعندئذ يمكننا أن نخلق الرجاء في البقاء على قيد الحياة. لا يمكننا أن نحمل الرجاء من الخارج. يمكننا أن نحمل الطعام والمواد وكل شيء آخر من الخارج وإعطائه للأشخاص الذين يواجهون صعوبات. لكننا لا نستطيع أن نحمل الرجاء ونعطيه للذين يواجهون الصعوبات، وإنما علينا أن نخلق الرجاء في قلوبهم. لا يمكننا أن نأمرهم بأن يخلقوا الرجاء. ولكن، يمكننا أن نكون أصدقاء، ويمكننا أن نسير معًا. يمكننا أن نكون معهم، لكي يتأكدوا من أنه لن يتمَّ نسيانهم. ومن هنا، يمكنهم أن يخلقوا الرجاء في البقاء على قيد الحياة.
تابع المطران كيكوتشي مجيبًا على سؤال حول الرسالة التي يريد أن يوجهها إلى المتطوعين والموظفين في كاريتاس المحلية في جميع أنحاء العالم، فيما يسعون إلى حمل تضامن الكنيسة ومحبتها إلى المحتاجين وقال نحن نقول دائمًا أن كاريتاس هي شاهد لمحبة الله، وأن كاريتاس لا تضمُّ فقط من هم في المستويات الإدارية العليا وإنما الذين هم في القاعدة، جميع المتطوعين، الذين هم كاريتاس أيضًا. ربما ينبغي أن أشارك قصة واحدة مفادها أنه في اليابان، بعد كارثة تسونامي والزلزال في عام ٢٠١١، تمكنت كاريتاس اليابان من إرسال متطوعين إلى جميع الأشخاص في المناطق المحلية، وأنشأت قواعد للمتطوعين. في تلك المنطقة، لا يوجد مسيحيون على الإطلاق. بعد عدة سنوات، اختفت جميع المنظمات غير الحكومية الأخرى لكن كاريتاس لا تزال في المنطقة المنكوبة، وبدأ الناس يسمّون هؤلاء المتطوعين: “السيد كاريتاس، السيدة كاريتاس”، هؤلاء هم عمال كاريتاس الحقيقيون حقًا. يسمّيهم الناس “السيد كاريتاس، السيدة كاريتاس”، لأنهم يمثلون كاريتاس، إنّهم متطوِّعينا على مستوى القاعدة، وهم يمثلون كاريتاس. لذلك، من المهم جدًا أن يحمل كل واحد من هؤلاء المتطوعين خصائص كاريتاس. إنهم كاريتاس. نحن الذين هم في الإدارة، لسنا وحدنا كاريتاس، وإنما مع جميع هؤلاء المتطوعين، نحن نصنع كاريتاس. (المصدر راديو الفاتيكان)