Uncategorized

الكاردينال دجيفيتش: صدى كلمات البابا القديس يوحنا بولس الثاني يتردّد بقوّة جديدة وقويّة

إنه لمن المُشجِّع والمؤثِّر أن نرى عدد الأشخاص الذين ما زالوا يرغبون في الاصغاء إليه على الرغم من محاولات إسكات صوته، أعتقد أنَّ صدى دعوته “لا تخافوا من أن تفتحوا الباب للمسيح” سيتردّد اليوم بقوة جديدة وقوية – هذا ما أكده الكاردينال ستانيسلاف دجيفيتش، أمين سرِّ القديس يوحنا بولس الثاني لسنوات عديدة، في مقابلة مع إذاعة الفاتيكان، وفاتيكان نيوز بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لانتخاب الكاردينال كارول فويتيلا حبرًا أعظم. وأكد أيضًا أن البابا البولندي هو الذي بدأ العملية الصعبة لتطهير الكنيسة من الجرائم التي كان الأطفال ضحاياها. ويعتقد الكاردينال دجيفيتش أن تعاليم يوحنا بولس الثاني وأسلوب حياته يمكنها أن تلهم الشباب، ولكن يجب أن ننقل الروايات عنه بلغة يفهمها شباب اليوم.

وإذ ذكّر بالذكرى الخامسة والأربعين لانتخاب الكاردينال كارول فويتيلا حبرًا أعظم، في ١٦ أكتوبر، أكّد أنّه يمكن ليوحنا بولس الثاني أن يحمل اليوم أيضًا السلام والرجاء إلى العالم؛ وقال: “هو لا يزال يتحدث. يكفي أن تذهب إلى الفاتيكان إلى بازيليك القديس بطرس لترى الناس منغمسين في الصلاة عند قبره. يكفي أن تدخل إلى المزار البابوي، أو كنائس فادوفيتسه أو كالواريا، في جميع الأماكن التي تحمل آثاره. إنَّ الناس ما زالوا يصغون إليه ويبحثون عن صداقته الروحية”.

وإذ سُئل عما سيقوله البابا البولندي للعالم المعاصر، قال الكاردينال ستانيسلاف دجيفيتش إنَّ الأزمات التي نواجهها، والتشكيك في القيم التي بدت حتى الآن مقدسة وغير قابلة للانتهاك، والتي عمقت الانقسامات والخلاف الاجتماعي، كانت ستملأ قلبه بالألم. إنَّ الأب الأقدس قد رأى واختبر الكثير من الشر، ورأى عواقب الحروب والتوتاليتاريّة، وتألَّم مع الضعفاء، وكان المدافع والصوت للذين حرموا من صوتهم، وفي زمن الاضطرابات، حاول دائمًا أن يحمل الرجاء للناس. لقد كان شاهداً لمحبة المسيح وقوة الإنجيل، الذي لا يتغير على الرغم من تغير العالم أعتقد أنَّ صدى دعوته “لا تخافوا من أن تفتحوا الباب للمسيح” سيتردّد اليوم بقوة جديدة وقوية.

يعتقد أمين سرِّ القديس يوحنا بولس الثاني أنه كلما مر الوقت، كلما تألقت الحكمة الخالدة لإرثه، وتجلى بشكل أكبر مقدار الإلهام الذي يأتي منها. يتعلق الأمر حتى، وربما قبل كل شيء، بتلك القضايا التي تحاول بعض الدوائر اليوم انتقاد الأب الأقدس بسببها، مثل مسألة حماية القاصرين في الكنيسة. كثيرون يحاولون أن يسكتوا أو أن يزيِّفوا حقيقة أن يوحنا بولس الثاني هو الذي بدأ العملية الصعبة لتطهير الكنيسة من الجرائم التي كان ضحاياها أطفال أبرياء. وقد واصل خلفاؤه هذه العملية، لكن البابا البولندي كان أول من عارض بشكل لا لبس فيه وحزم التقليل من شأن هذه القضايا المؤلمة أو الصمت بشأنها.

لقد وضع الرحمة كأساس لاهوتي ووجودي للمسار الذي تسلكه كنيسة البابا فرنسيس اليوم – “درب الرحمة، والانحناء على البؤس البشري، والذي علاجه الوحيد هو محبة الله اللامتناهية”. وأشار الكاردينال دجيفيتش أيضًا إلى السينودس حول السينودسية القائم، وقال: “أعتقد أنه ليس من المبالغة أن نقول إن جذوره تكمن في الرؤية البعيدة النظر للبابا البولندي، الذي رأى وقدّر دور العلمانيين في الكنيسة؛ لقد كان منفتحًا على الحوار مع بيئات مختلفة، لم تكن دائمًا صديقة للمسيحية، وكان يُصغي بانتباه إلى ما كان على العالم أن يقوله للكنيسة.

يعتقد الكاردينال ستانيسلاف دجيفيتش أن تعاليم يوحنا بولس الثاني وأسلوب حياته يمكنها أن تكون مصدر إلهام للشباب، وقال “ليس لدي أدنى شك في ذلك، كذلك، فإن هذه القناعة يؤكدها مصير عدة أجيال من الشباب، الذين جذبهم يوحنا بولس الثاني ليسوع. ولا يزال الملايين من الأشخاص يجتمعون في الأيام العالمية للشباب، ويدحضون النظريات حول تدهور الكنيسة ولامبالاة الشباب حول مسائل الإيمان. في تعاليم يوحنا بولس الثاني، يمكن للشباب أن يجدوا مؤشرات لحياتهم، ولكن يمكنهم أيضًا أن يستلهموا من حياته، ولاسيما من سنوات شبابه، التي كانت مليئة بالعواطف التي تُميِّز سنَّ الشباب، وفرح الحياة، والاهتمامات المتعددة. والرغبة في التطور الفكري والروحي، والقدرة على الاستمتاع بالصداقات، وجمال الطبيعة، والرياضة، والشعر”. وأوضح الكاردينال ستانيسلاف دجيفيتش أن سنوات شباب كارول فويتيلا كانت أيضًا صعبة، إذ قد طُبعت بمأساة الحرب، ولكن على الرغم من ذلك، فقد عاشها بشكل رائع، مُظهرًا أن الأمر يستحق النضال من أجل المثل العليا والأمانة لها؛ وقال إنَّ القديس يوحنا بولس الثاني هو بالنسبة للشباب – بغض النظر عن المكان والزمان الذي يعيشون فيه – نموذج رائع ويستحق أن يتبعوه. وبالتالي فالمشكلة ليست ما إذا كان البابا يستطيع أن يلهمهم، وإنما كيف يُنقل لهم جمال حياته، وما هي اللغة المستخدمة للحديث عنه، وما إذا كانت لغة تؤثِّر على حساسية شباب اليوم وما إذا كانت مفهومة بالنسبة لهم.

وبالعودة إلى ١٦ أكتوبر ١٩٧٨، أشار الكاردينال ستانيسلاف دجيفيتش إلى أنه بعد وقت قصير من انتخابه، أراد يوحنا بولس الثاني أن يلتقيه، وقال عندما ظهر الدخان الأبيض، ارتجف قلبي، وأخذني شعور قوي. عندما سمعت اسم “كارولوم” يُلفظ من شرفة بازيليك القديس بطرس، عرفتُ كل شيء. لقد مرت ٤٥ سنة على تلك اللحظات، التي حدثت خلالها أشياء كثيرة، لكنها بقيت مطبوعة في قلبي إلى الأبد. لقد كنت فخوراً وسعيداً.

(راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى