الكاردينال بارولين: الحل النهائي للأزمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو الاعتراف بدولتين.. وهذا يتطلب الحوار المباشر بين الطرفين
أجرت النشرة الإخبارية للقناة الأولى للتلفزيون الإيطالي، راي، مقابلة مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين والذي أجاب أولا على سؤال حول خطر أن يعود العالم إلى انقسام شبيه بفترة الحرب الباردة.
وقال في إجابته إننا قد انتقلنا ومع الأسف من الحرب الباردة إلى حرب ثالثة مجزأة كما يقول البابا فرنسيس، وأضاف أن الحرب ومهما كان شكلها تظل مواجهة ين أشخاص وشعوب ودول وقارات أي أننا نشهد اليوم عودة إلى مجموعات متضادة. وهذه الانقسامات ليست جديدة، قال الكاردينال، وشدد على الحاجة إلى استعادة الروح التي حفزت الجماعة الدولية عقب الحرب العالمية الثانية، روح أدت إلى إعلان هلسنكي وأيضا إلى الرجاء والمبادئ التي سمحت بإعادة بناء نسيح العلاقات الدولية.
هذا وتطرق الحديث إلى تصاعد الخطر النووي، وأشار أمين السر في هذا السياق إلى امتلاك تسعة بلدان لهذه الأسلحة مضيفا أنه لا يبدو هناك ميل نحو تقليص الترسانة النووية بل بالأحرى إلى زيادتها، كما وهناك توجه نحو أن تمتلك دول أخرى هذه الأسلحة كوسيلة ردع.
وكرر الكاردينال بارولين هنا موقف الكنيسة والبابا الذي يؤكد كون امتلاك الأسلحة النووية واستخدامها غير أخلاقيَّين لأنهما يعنيان تدمير الإنسان والعالم، وشدد أمين السر على أن الحل الوحيد لهذه المشكلة يكمن في إطلاق برنامج لإزالة الترسانات النووية.
كانت مهمة رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال ماتيو زوبي في روسيا بتكليف من البابا فرنسيس محور سؤال آخر أجاب عليه الكاردينال ببيترو بارولين فوصف المهمة بالهامة جدا مذكرا بأن زيارة موسكو تأتي في إطار مبادرة أوسع قدمها البابا فرنسيس تضمنت أولا زيارة إلى كييف.
وتابع أن الكاردينال زوبي قد ركز في مهمته هذه على الجانب الإنساني في المقام الأول، أي مواضيع مثل تبادل الأسرى وإعادة الأطفال، ما يستدعي الحوار مع موسكو.
وأشار أمين السر في هذا السياق إلى لقاء الكاردينال زوبي ممثل الرئيس الروسي مرتين ما يعكس إدراك روسيا لاهتمام ونوايا الكرسي الرسولي، وأضاف أنه يجب الآن تحديد الآليات التي تسمح بتحقيق ما تم التوصل إليه وذلك على الأرجح بمساعدة بعض المنظمات الدولية.
وفي سياق الحديث عن إمكانيات بلوغ السلام في أوكرانيا قال أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إن السلام في أوكرانيا يجب أن يكون سلاما عادلا يقوم على الركائز الأساسية التي تحدث عنها البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون في الرسالة العامة “السلام في الأرض” أي الحقيقة والعدالة والحرية والمحبة، ركائز يصبح السلام بدونها مؤقتا ويهدده خطر الانهيار مع أول هزة.
وتحدث من جهة أخرى عن ضرورة الانتباه في المقام الأول إلى كرامة الأشخاص هذا إلى جانب أهمية حماية القوانين الدولية، وأجاب أمين السر في هذا السياق على سؤال إن كانت هناك حاجة إلى إصلاح الأمم المتحدة وكيف، فأكد هذه الحاجة من جهة وأشار من جهة أخرى إلى أن هذا يتطلب أن تعمل الدول كافة بروح التطلع إلى الخير العام للبشرية.
تطرق الحديث بعد ذلك إلى دعوة البابا فرنسيس الموجهة إلى أوروبا كي تقوم بدورها بينما هي منقسمة فيما يتعلق مثلا بقضية الهجرة. وتحدث الكاردينال بارولين عما وصفه بوضع مثير للحزن وأضاف أنه من الصعب التوصل إلى حل فوري لهذه القضية، إلا أن الحل يكمن في التضامن وتقاسم التعامل معها والبحث عن الحلول.
هذا وكان السلام في الشرق الأوسط والذي يبدو بلوغه بعيدا موضوع سؤال وُجه إلى أمين السر الذي أشار في إجابته إلى تكرار تصاعد التوتر ما بين حين وآخر، وأكد أن الحل النهائي للأزمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو الاعتراف بدولتين، وهذا يتطلب الحوار المباشر بين الطرفين والذي لا وجود له اليوم بسبب عدم الثقة المتبادلة. ووجه الكاردينال بارولين في المقام الأول نداءً من أجل تفادي العنف، وتأتي بعد ذلك العودة إلى التحاور مع الحد الأدنى من الثقة المتبادلة والبحث معا عن حل متقاسَم يحمل السلام والرخاء إلى المنطقة بأسرها، وذلك أيضا على أساس قرارات الأمم المتحدة.
أجاب الكاردينال بييترو بارولين بعد ذلك على سؤال حول الحرية الدينية وما يهددها في الغرب يشكل خاص بسبب ثقافة الإلغاء والاستعمار الإيديولوجي. وقال أمين السر في هذا السياق إن الحرية الدينية من ركائز الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعود إلى ٧٥ سنة مضت. وتحدث عن تأكيد الكنيسة الدائم لهذا الحق وذلك لأنه يمس ضمير الإنسان وجوانبه الأكثر حميمية ما ينطبق على الجميع أي على غير المؤمنين أيضا. ولفت الكاردينال بارولين الأنظار إلى ما يبدو اليوم من توجه نحو تقليص الفسحات أمام الحرية الدينية، وأيضا نحو منع الإيمان والأخلاقيات من أن يكون لها صوت في الحياة العامة.
تطرقت المقابلة أيضا إلى التغيرات في الرؤية إلى الرجل والمرأة اليوم، وأكد أمين السر هنا مطالبة الكنيسة بالتمكن من التعبير عن رؤيتها والتي تنطلق من الإنجيل والمترسخة في تقاليد الكنيسة. وأضاف أن هذه الرؤية بإمكانها حماية وتعزيز الإنسان والبشرية في مجملها وكل رجل وامرأة. وأعرب عن ثقة الكنيسة في القدرة على مساعدة الرجال والنساء وذلك من خلال القيم المنطلقة من الإنجيل. كما وتحدث الكاردينال بارولين عن العائلة وما تعاني منه اليوم من أزمة وعن حاجتها إلى انتباه وحماية وتعزيز أكبر من قِبل الجميع. وختم مؤكدا كون العائلة خلية المجتمع، وحين تكون الخلية سليمة يكون الجسد أيضا سليما.
(المصدر راديو الفاتيكان)