Uncategorized

الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت. البطريرك الماروني يترأس القداس الإلهي في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت

“إننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية في الوقت الذي قدّم أحباؤنا ذبيحتهم في تلك الساعة الرهيبة، إننا نقدمها لراحة نفوس الضحايا، وشفاء الجرحى والمعوقين وعزاء عائلاتهم، وإظهار الحقيقة المخفية إلى الآن، وتطبيق العدالة، والحكم بتعويضات عادلة للمتضررين. وفي الوقت عينه ننضم إلى مئات العائلات التي تبكي إلى اليوم أحباءها وتصرخ مطالبة بالحقيقة والعدالة، وإلى آلاف العائلات التي تعاني من الدمار الذي شرّدها من منازلها، وتلك التي تعاني من إصابات في أجساد أفرادها”: هذا ما قاله البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظته مترأسا القداس الإلهي في الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، وأضاف “إننا معكم نرفع الشكر إلى قداسة البابا فرنسيس الذي ذكر في صلاة التبشير الملائكي ظهر الأحد الماضي كارثة تفجير المرفأ. ورفع الصلاة من أجل الضحايا وعائلاتهم التي تبحث عن الحقيقة والعدالة. وتمنّى أن تجد الأزمة اللبنانية المعقدة حلًّا يليق بتاريخ لبنان وبقيم الشعب اللبناني وختم بالتذكير بأن لبنان هو أيضًا رسالة” (23 تموز 2023)”. وأشار البطريرك الراعي إلى أن “ما يؤلم هذه العائلات ويؤلمنا بالأكثر هو عدم اكتراث المسؤولين في الدولة المنشغلين بمصالحهم وحساباتهم الرخيصة. فهم بكل أسف غير معنيين بالذين ما زالوا على فراش الألم في المستشفيات أو في منازلهم، وبعض منهم في حالة غيبوبة منذ ثلاث سنوات، وآخرون يحتاجون إلى عمليات جراحية وعلاجات دائمة لا يقدرون على حمل عبئها المالي. وما القول عن المباني والبيوت المتضررة التي تشرد أهلها وهم غير قادرين على إصلاحها؟ لكن الله لا يترك أبناءه الذين في العالم فريسة الظلم والأفعال التي تعيق وتوقف عمل المحقق العدلي بردود شكلية متتالية وموسعة كبّلت يديه منذ ثلاث سنوات. فلا بد من فتح كوّة في هذا الجدار. إننا نعتبر محقًّا مطلب أهالي الضحايا بلجنة دولية لتقصي الحقائق تساعد المحقق العدلي في إنجاز مهمته، ونحث الدول على تسليم لبنان ما لديها من معلومات وتحقيقات وصور التقطتها أقمارهم الاصطناعية، ونطالبهم بوضع حد للتدخلات السياسية في ملف التحقيقات”.

وفي عظته بعنوان “لا خفيٌّ إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيُعلم” (لو 12: 2)، قال البطريرك الراعي “بهذا الكلام يؤكد الرب يسوع أن لا أحد يستطيع إخفاء الحقيقة، لأنها نور، “والنّور لا يغشاه الظلام” (يو 1: 5). فمهما حاول الناس إخفاء الحقيقة، يأتي يوم تسقط فيه كل الوريقات التي تحجبها عن الأنظار. الحقيقة التي يحاولون إخفاءها بتعطيل تحقيقات المحقق العدلي منذ ثلاث سنوات، تختص بهوية المسؤول عن التفجير، وعن تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، وبالطبع عن مصدرها وطريقها، وعن احتجازها، وعن إهمال التدبير بشأنها عند العلم بخبرها وعدم إخراجها وإعادتها إلى مصدر انطلاقها. يصف الرب يسوع “بالرياء” الأشخاص السياسيين الذين يتظاهرون بالبراءة فيما يخدعهم تهرّبهم من المثول أمام قاضي التحقيق. فإذا كنتم أبرياء، لماذا تتهربون وتعيقون التحقيق؟” وأضاف غبطته يقول “ليست هذه الحقيقة مدفونة، وكأنها ميتة، بل تستصرخ ضمائر كل المسؤولين عن كارثة 4 أغسطس 2020، مثلما كان صوت الله يستصرخ ضمير قايين قاتل أخيه هابيل، ليل نهار، في النوم وفي اليقظة: “قايين، أين هابيل أخوك؟ ماذا فعلت؟ دم أخيك يصرخ إليّ من الأرض؟” (تك 4: 9-10). هابيل اليوم هم المئتان وخمسة وثلاثون (235) قتيلًا، وحوالي خمسة آلاف بين جرحى ومعوقين، وآلاف المنازل والكنائس ودور العبادة والمؤسسات والمتاجر والفنادق التي تهدمت وطاولت نصف العاصمة وضواحيها. فكيف يمكن السكوت عن هذه الكارثة، والمعنيون بشكل مباشر أو غير مباشر، بحكم مسؤوليتهم، يتهربون من القضاء بتغطية سياسية؟ فلا ننسى ما جرى ساعة التفجير إياها: فهناك من سمع ورأى، وهناك تصريحات قيلت لساعتها ثم رُفعت من التداول الإعلامي”. كما وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي” إننا نقدر عمل مكتب الادعاء في نقابة المحامين الذي منذ ثلاث سنوات يعمل ويُصرّ على متابعة قضية كارثة تفجير المرفأ، وصولًا إلى الحقيقة والعدالة والحكم بتعويضات عادلة للمتضررين، متحدّين كل العراقيل”، وختم عظته بالقول “فيبقى كلام الرب يسوع في إنجيل اليوم واضحًا “لا خفيٌّ إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيُعلم” (لو 12: 2). له المجد والشكر مع الآب والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

(المصدر راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى