ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي يوم الأحد في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي وألقى عظة بعنوان “ربّي والهي” (يو 20: 28)، مسلطًا الضوء على الاحتفال بعيد الرحمة الإلهية.
أشار البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظته إلى الاحتفال بعيد الرحمة الإلهية وقال “إنّا نصلّي إلى الله، بشفاعة القديسة الأخت فوستين أن يفتح قلوب جميع الناس لقبول الرحمة الإلهية، فيزدادوا محبة وتحننًا وتمتلئ قلوبهم سلامًا نابعًا من محبة الله ورحمته ومن صميم قلب يسوع المسيح”. “في عيد الرحمة الإلهية” – أضاف غبطته يقول – “نُجدد إيماننا بأن الرب يسوع تألّم ومات على الصليب ليفتدي ويكفّر عن خطايانا وخطايا العالم أجمع. فانّا نهتف اليه: “بحق آلام يسوع الموجعة، ارحمنا يا رب وارحم العالم أجمع”.
وقال البطريرك الراعي في عظته ” لقد تابعنا بقلق وشجب وأسف ما تتعرض له المقدسات الإسلامية والمسيحية والمؤمنون في القدس على يد القوات الإسرائيلية، وفيما نستنكر بشدة هذه الاعتداءات على الأماكن المقدسة وعلى ممارسة الحرية الدينية، ندعو الأسرة الدولية إلى التدخل الحاسم لإيقافها، والعودة إلى قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية التي ترعى وضع المدينة المقدسة والمؤمنين الآمنين”.
في عظته مترأسا قداس الأحد في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، قال البطريرك الماروني “لم يُصدّق توما الرسول خبر قيامة يسوع بسبب الصدمة من آلام يسوع وصلبه. فكانت هذه الصدمة أكبر من أيمانه وأكبر منه، إذ قال: ما لم أعاين في يديه مواضع المسامير، وأجعل أصابعي فيها، وما لم أمدّ يدي في جنبه لا اؤمن!” (يو 20: 25) ولكن، بعد ثمانية أيام، لما ظهر يسوع لرسله، دعا توما وقال له: “هات أصبعك إلى هنا، وانظُر يديّ، وهاتِ يدك، وضَعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن، بل مؤمنًا”، فلم يفعل. بل عندما رأى إنسانية يسوع بجراحها، آمن بأُلوهيته. لم يلمس توما جراح يسوع، بل كلام يسوع لمس قلب توما، وأحيا إيمانه. يعلمنا هذا الحدث ألّا تكون صدمات الحياة ومشاكلها أكبر منا. ولنتذكّر أن المسيح الرب القائم من الموت هو رفيق دربنا الدائم، وبخاصة في وقت الشدائد بمختلف أنواعها. فهو يعرف معاناتنا ويعرف كيف يخاطب قلوبنا”.
“وإني أتوجه بنوع خاص” – قال البطريرك الراعي – “إلى كل مسؤول في الكنيسة والعائلة والمجتمع والدولة، لأقول إن واجب هذا المسؤول أن يواجه الصعوبات التي تفرضها عليه مسؤوليته. فلا يتهرب منها ولا ييأس ولا يتكاسل ولا يبرر تقاعسه وتقصيره. المسؤول الحقيقي يواجه الصعوبات ويجد لها حلولاً، لئلّا تتفاقم وتأتي بالضرر الكبير على من هم في إطار مسؤوليته. وما القول إذا كان المسؤولون السياسيون عندنا يجتهدون في خلق الصعوبات والعقد التي تأتي بالنتائج الوخيمة على المواطنين. لقد “تفانوا بكل جهد” في عدم انتخاب رئيس للجمهورية وفي تكريس الفراغ في الرئاسة الأولى، وشل المؤسسات الدستورية، مجلس نواب وحكومة وإدارات عامة، منذ ستة أشهر. فرموا البلاد في الانهيار الكامل اقتصاديا وماليا وإنمائيا واجتماعيا. ثم عادوا بذات “التفاني والجهود” ليمددوا للمجالس البلدية والاختيارية، -ويا للسخرية! – ظنًا منهم انهم بذلك يبررون عدم إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية”.
وتابع البطريرك الراعي قائلا “ونسأل “نواب الأمة”: كيف رفضتم الاجتماع، لغاية تاريخه، لانتخاب رئيس للجمهورية، واستمريتم في الفراغ الرئاسي، واليوم تجتمعون بكل سهولة وتؤمّنون النصاب من أجل تأجيل استحقاق دستوري آخر وطني وديموقراطي، هو إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وبذلك تمنعون المواطنين من حقهم الدستوري في التعبير عن رأيهم وإيصال من يرونه مناسبًا. إنكم بكل سهولة تستخفون بالشعب والدستور وتُجددون لأشخاص انتهت مدة ولايتهم التي أعطاهم إياها الشعب بالوكالة. يا لسخافة السبب المخجل وهو عدم وجود مال لتغطية تكلفة الانتخابات! لماذا لم تؤمّنوا المال قبل الوصول إلى أجل هذا الاستحقاق؟ إنها سخافة ثانية تضاف إلى سابقتها وهي: التوافق على الشخص المرشح للرئاسة الأولى. أين كنتم أيتها الكتل النيابية طيلة السـت سنوات من ولاية رئيس الجمهورية؟ ماذا كنتم تفعلون؟ ألم تجدوا مرشحًا؟ لماذا لم تتوافقوا على هذا “الشخص” طيلة هذه السنوات؟ في كلا السخافتين بيّنتم للملاء أنكم غير جديرين بالمسؤولية التي أُسندت إليكم، ومع هذا كله تحتلون وتصادرون المسؤولية على حساب هدم الدولة وإفقار الشعب وقتله. أليست هذه خيانة للأمانة التي ائتمنكم عليها الشعب؟ كيف توفّقون بين خفة قرار تمديد ولاية المجالس البلدية، وجدية العمل الطويل الذي قامت به وزارة الداخلية والبلديات لإعداد الهيئات الناخبة وتنظيمها، وطلبت من الحكومة في شهر كانون الثاني الماضي الاعتمادات اللازمة والمحددة لإجراء هذه الانتخابات”.
وفي ختام عظته، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: “ربّي وإلهي! هاتان الكلمتان أصبحتا المدخل لكل صلواتنا الليتورجية. وهي إعلان إيماننا، وصرخة ندائنا لالتماس الرحمة الإلهية، غفرانًا لخطايانا، وخطايا جميع البشر، ومن اجل والاستقرار والسلام في وطننا وفي العالم. لله المجد والشكر على رحمته اللّامتناهية، الآب والابن والروح القدس، آمين”.
(المصدر راديو الفاتيكان)