Uncategorized

البطريرك الراعي: في لبنان خسر الإنسان إنسانيته وأصبح شريرًا وبدلاً من أن يبني نراه يهدم

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي في الأحد العاشر من زمن العنصرة، في كنيسة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، في حضور عدد كبير من راهبات أخوات يسوع الصغيرات، وحشد من المؤمنين.

وفي عظته قال: “نشهد عندنا اليوم وبكل أسف فسادًا على كلّ صعيد: فسادًا سياسيًّا، فسادًا أخلاقيًّا، فسادًا إداريًّا، فسادًا قضائيًّا، فسادًا تجاريًا. فخسرت العقول الحقيقة واتّجهت نحو الكذب؛ وخسرت الإرادات الطاقة على الخير، ومالت إلى الشرّ والظلم والاستبداد والاستكبار؛ وخسر الإنسان إنسانيّته وبهاء صورة الله فيه، فأصبح شريرًا. هذا هو مكمن انهيار العمل السياسيّ عندنا في لبنان، فبدلًا من ان يبني، نراه يهدم، بدءًا من عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ أحد عشر شهرًا، وصولًا إلى تعطيل المجلس النيابيّ الذي أصبح هيئة ناخبة وفاقدة حقّ التشريع، وإلى جعل الحكومة محصورة في تصريف الأعمال وبالتالي فاقدة حقّ التعيين، وصولًا إلى إسقاط المؤسّسات الدستوريّة والإداريّة الواحدة تلو الأخرى. هذا بالإضافة إلى تفشّي روح الحقد والبغض والضغينة والكبرياء والاستبداد وروح الهدم وأخذ البلاد رهينة بشعبها وأرضها ومؤسّساتها لصالح شخص أو فئة أو مخطط. وفوق كلّ ذلك بل والأخطر أنهم يضعون الله وكلامه ورسومه ووصاياه جانبًا، وكأنّه غير موجود، على الرغم من المظاهر الدينيّة الزائفة والكاذبة.

وتساءل: “هل من احد يشرح لنا لماذا لا يلتئم المجلس النيابي في جلسات متتالية بدوراتها لانتخاب رئيس للجمهورية بحسب المادة 49 من الدستور، ويوجد مرشحان أساسيان كفؤان كما ظهر في جلسة 14 يونيو الماضي؟ فإما ينجح واحد منهما وإما لا أحد، ولكن بعد ثلاث دورات متتالية على الأكثر، يصار إلى الاتفاق على ثالث بحوار مسؤول. وهل من يقول لنا لماذا أُبطل النصاب في تلك الجلسة التي كادت أن تكون حاسمة؟ وهل من يشرح لنا الغاية من ترحيل هذا الاستحقاق الأساسي لقيام مؤسسات الدولة إلى شهر أيلول؟ أهي عطلة شهر آب للسادة النواب، للاستجمام بحرًا وجبلًا وسفرًا، فيما الشعب يموت جوعًا، والدولة في حالة الفوضى الدائرة، والنازحون السوريون يحتلون البلاد بدعم من الأسرة الدوليّة، ونحن مغفّلون، وهم متناسون أرضهم ووطنهم وتاريخهم وثقافتهم. فلو ان المسؤولين في الدولة يعتنون بجمع أموالها من فواتير الكهرباء والماء من الجميع، ولو أنهم يضبطون مداخيلها من الجمارك في المطار والمرافئ والمؤسسات الإدارية وسائر الدوائر التابعة لها، ولو ضبطت الخوّات لدى موظفيها، ولو أوقفت التهريب خروجًا ودخولًا عبر مداخلها الشرعية وغير الشرعية، ولو وضعت حدًّا للسرقات المالية، لوفّرت المال اللازم والكافي لدفع أجور موظّفي القطاع العام ورواتبهم، من دون المسّ بالاحتياط وبأموال المودعين في البنك المركزي”.

وتوجه غبطته إلى المسؤولين: “لا يمكن الاستمرار في ضرب القطاعات الاقتصادية وخصوصًا القطاع السياحي الذي شهد هذا الصيف انتعاشًا بعودة المغتربين والسياح بعد الأزمات المتنوعة التي عشناها حيث يتم اطلاق الشائعات الهدّامة حول ارتفاع الأسعار من دون ذكر وجود مروحة من الأسعار والخدمات. أتعلمون أن القطاع السياحي شكل خشبة الخلاص للاقتصاد المنهار، فبلغ عبر السنوات حوالي 25 بالمئة من الدخل القومي؟ لقد تم فرض رسوم إشغال على الأملاك العامة والمنتجعات البحرية من قبل الدولة بالدولار الفراش بينما تغاضت عن القيام باي تسوية لشاغلي الأملاك النهرية ومشاعات الدولة وأملاكها الخاصة، مما يحرمها من أن تؤمّن مداخيل طائلة للخزينة واستقرار الاستثمار على أنواعه. فهل ما يجوز من ناحية لا يجوز من ناحية أخرى؟ إن الحفاظ على القطاع السياحي أسوة بباقي القطاعات هو في أساس بناء الوطن والحفاظ على أبنائها”.

وختم البطريرك الراعي عظته بالقول: “في هذه الظروف الصعبة نلتجئ إلى العناية الإلهية، التي بيدها غير المنظورة تُحافظ على لبنان، كأرض مقدّسة. ولنلتَمس من الله أن يمسّ ضمائر المسؤولين عمّا آلت ‘ليه بلادنا من انحطاط ودمار، لكي يعودوا إلى الله، ويصغوا إلى كلامه، ويعملوا بموجب رسومه ووصاياه. له المجد والشكر، الآب والابن والروح القدس، الآن والى الأبد، آمين”.

(المصدر أبونا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى