ترأس غبطة البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، جاثليق وبطريرك الكلدان في العالم، القداس الختامي للمرحلة القارية السينودسية لكنائس الشرق الأوسط، وذلك بكنيسة بيت عنيا بحريصا، بلبنان.
شارك في الصلاة غبطة أبينا البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، وسيادة المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك، ونيافة الأنبا عمانوئيل عياد، مطران إيبارشية طيبة للأقباط الكاثوليك، وممثلي الكنيسة الكاثوليكية بمصر، شارك أيضًا أصحاب الغبطة، بطاركة الشرق الكاثوليك، وعدد من الآباء الأساقفة والمطارنة، والكهنة، والرهبان والراهبات، والمؤمنين.
وللمناسبة ألقى غبطته عظة قال فيها: ثمة علاقة بين نص الإرسال عند متى ونص المواهب والأدوار في الرسالة الى أفسس. في كلا النصين نجد ان المسيح هو المحور، وان كل شيء مرتبط بحضوره: “وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم”. وفي الرسالة الى أفسس: “كُلُّ واحِدٍ مِنَّا أُعطيَ نَصيبَه مِنَ النِّعمَةِ على مِقْدارِ هِبَةِ المسيح”. بالنتيحة لا رسالة من دون ان يكون المسيح المرجع الذي لا بديل له، وهو الذي ينفخ فينا الروح القدس من الداخل. فالرسالة تتطلب إيماناً جاداً عميقاً، ومسيرة إندماج، يضع فيها الكاهن والمؤمن ذاتهما بين يدي الله للبقاء في شركة معه حتى النهاية.
تابع: ينبغي أن يكون الكاهن شاهداً، كما كان الرسول، لخبرة حياتية وجودية مع المسيح حتى يتمكن من نقل ما اختبره إلى الآخرين. “والذي رأَى شَهِد، وشَهادَتُه صَحيحة، وذاك يَعلَمُ أَنَّه يَقولُ الحَقَّ لِتُؤمِنوا أَنتُم أَيضاً.. الرسالة ليست وظيفة، ولا عملاً جاهزاً معتاداً صالحاً لكل زمان ومكان. إن الرسالة تتطلب الانفتاح الثقافي والأنثروبولوجي والاجتماعي واللاهوتي والمسكوني. كذلك على الكاهن – الرسول أن يتعرف على مجتمعه، ويدرس ثقافته، ويطَّلِع على أوضاعه ويصلّي ويطور فكره وأسلوبه باستمرار حتى يقدر أن يتواصل مع الواقع الذي يعيشه الناس بشيء من الجاذبية فيحرّك مشاعرهم ويشحن رجاءهم ويمنحهم الشعور بالاطمئنان والانتعاش. هذا ما يطمح إليه مشروع السينودالية الذي دعا إليه البابا فرنسيس لكي تعود الكنيسة إلى الإصغاء لــ “الروح” أي إلى الينابيع الصافية للوصول إلى ملء قامة المسيح، أي إلى نور وفرح القيامة.
أما نص الرسالة إلى أفسس، تابع الكاردينال ساكو، فهو حول تنوّع المواهب. مواهب الروح القدس ضرورية لخدمة الرسالة والجماعة حتى لا يكون كل شيء برتيبة واحدة. كلنا إكليروساً ومؤمنين: ” فمِن مِلْئِه نِلْنا بِأَجمَعِنا وقَد نِلْنا نِعمَةً على نِعمَة”. الكنيسة لن تتقدم وترتقي من دون هذه المواهب – النِعَم. هذه المواهب منسجمة وغير منقسمة. انها لبنيان الجماعة الحيّة (الكنيسة)، وليست للتنافس وخلط الأدوار. ينبغي للرسول أن يعمل بكل تواضع من دون الادعاء بأنه فوق الآخرين، إنما بالاعتراف بمواهبهم وقبولهم وإشراكهم. اذكر هنا قول القديس أوغسطينوس: “أنا مسيحي أي معكم انتظر المسيح، ولأجلكم أنا اُسقف حتى اُعلنه وأشهد له.
وخلص البطريرك ساكو إلى القول: أود أن أختم بأن للمواهب علاقة وطيدة مع السينودالية التي تتطلب من الجميع مسيرة توبة جادة بصدق وتواضع، وقفزة نوعية لتعميق الوحدة والشراكة والرسالة باكتشاف المساحات المشتركة والاعتراف بالتنوع واحترامه والعمل بروحانية الفريق الواحد. السينودالية أو السير معاً لا تلغي التنوع، لأن التنوع غِنى يعكس علاقات متبادلة ومثمرة لتستمر الكنيسة في حمل رسالتها بشكل فعَّال. التنوع من تصميم الله!
(المصدر المكتب الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية)