
في طريق عودته من بودابيست إلى روما مساء الأحد مختتما زيارته الرسولية الحادية والأربعين خارج الأراضي الإيطالية، عقد البابا فرنسيس – كما جرت العادة – مؤتمراً صحفياً على متن الطائرة البابوية أجاب خلاله على باقة من الأسئلة طرحها عليه الصحفيون المرافقون، وتحدث عن الزيارة فضلا عن نظرته للسلام والوعكة الصحية التي أصيب بها وعن زيارته المرتقبة إلى البرتغال لمناسبة الأيام العالمية للشبيبة.
رداً على سؤال لأحد الصحفيين المجريين بشأن الخبرات الشخصية التي عاشها مع أبناء المجر قال البابا: كانت لدي خبرات في الستينيات عندما كنت أدرس في تشيلي، كان على العديد من اليسوعيين المجريين أن يذهبوا إلى هناك لأنهم طردوا من المجر. ثم بقيت صديقًا مقربًا للراهبات المجريات لماري وارد، اللواتي كان لديهنَّ مدرسة على بعد ٢٠ كيلومترًا من بوينس آيرس. كنت أقوم بزيارتها مرتين في الشهر وكنت نوعًا ما مرشدًا هناك وكذلك مع جماعة مجريّة من أشخاص علمانيين مجريين كانوا يعملون في بوينس آيرس، وكنت أعرفهم جيدًا. وأضاف قائلا: إن المجريين الذين تعرفّت عليهم كانت لديهم ثقافة عظيمة، حتى الذين لم يكونوا من طبقة اجتماعية عالية، حتى البسطاء كانت لديهم ثقافة أساسية عالية جدًا.
في سياق حديثه عن السلام والهجرة قال فرنسيس: أعتقد أن السلام يُصنع دائمًا من خلال فتح قنوات، لا يمكننا أن نحقق السلام أبدًا بالانغلاق. أدعو الجميع لكي يفتحوا علاقات وقنوات صداقة … وهذا ليس بالأمر السهل. إن الكلام الذي أقوله بشكل عام، قلته مع أوربان وقلته تقريبًا في كل مكان. فيما يتعلق بالهجرة: أعتقد أنها مشكلة يجب على أوروبا أن تمسكها في يدها، لأن هناك خمس دول تعاني أكثر من غيرها: قبرص واليونان ومالطا وإيطاليا وإسبانيا، لأنها دول متوسطية ومعظمها من دول البحر الأبيض المتوسط. وإذا لم تتولى أوروبا مسؤولية التوزيع العادل للمهاجرين، فستكون المشكلة لهذه البلدان فقط. أعتقد أنّه على أوروبا أن تجعلنا تشعر أنها اتحاد الأوروبي حتى إزاء هذا الأمر.
رداً على سؤال بشأن لقائه مع المتروبوبوليت هيلاريون قال البابا: إنه شخص أحترمه كثيرًا، ودائمًا ما كانت لدينا علاقة جيدة. إنَّ هيلاريون هو شخص ذكي ومن الممكن التحدث معه، ومن الضروري الحفاظ على هذه العلاقات، لأننا إذا تحدثنا عن المسكونية على يدنا أن تكون ممدودة للجميع وإنما علينا أيضًا أن نقبل اليد التي تمتدُّ لنا. لقد تحدثت مع البطريرك كيريل مرة واحدة فقط منذ بدء الحرب، ٤٠ دقيقة عبر منصّة zoom، ولا يزال عالقًا اللقاء الذي كان من المفترض عقده في القدس في تموز يوليو أو حزيران يونيو من العام الماضي، ولكن تم تعليقه بسبب الحرب: إنه لقاء علينا أن نقوم به. كذلك مع الروس أيضًا، تربطني علاقة جيدة مع السفير الذي يغادر الآن، وكان السفير لدى الكرسي الرسولي لمدة سبع سنوات، إنه رجل عظيم، رجل كما يجب.
في معرض حديثه عن وضعه الصحي ودخوله المستشفى قال البابا: ما تعرضت له هو وعكة قوية في ختام مقابلة الأربعاء العامة، لم أكن مرتاحاً لتناول الغداء، نمتُ قليلاً، لم أغب عن الوعي، لكن حرارتي كانت مرتفعة، كانت مرتفعة، وعند الساعة الثالثة من بعد الظهر نقلني الطبيب فوراً إلى قسم الإسعافات الأولية: التهاب رؤي حاد وقوي في الجزء الأسفل للرئتين. يمكنني أن أقول – بحمد الله – إن الجسم تجاوب جيداً مع العلاج. فيما يتعلق بزيارته المرتقبة إلى ليشبونة في آب أغسطس المقبل لمناسبة اليوم العالمي للشبيبة قال البابا: لقد تحدث إلى المطران أميريكو أغويار، (الأسقف المعاون على ليشبونة ورئيس مؤسسة الأيام العالمية للشبيبة ٢٠٢٣)، أنا سأذهب إلى هناك، سوف أذهب، وآمل بأن يتم كل شيء على ما يرام. إنكم ترون أن الوضع ليس كما كان عليه منذ سنتين، إني أحمل العصا، وقد تحسنت حالتي، ولم تُلغ الزيارة لغاية الآن. وهناك أيضا الزيارة المرتقبة إلى مرسيليا، ثم إلى منغوليا، وزيارة أخرى لا أتذكر إلى أين. البرنامج يتضمن الكثير من التحركات. سوف نرى!
رداً على سؤال بشأن إعادة التحف التي تم الاستحواذ عليها في حقبة الاستعمار قال فرنسيس: الوصية السابعة تقول إذا سرقت، عليك أن تعيد ما سرقته! لكن إذا نظرنا إلى التاريخ نرى أن الحروب، شأن الاستعمار أيضا، تحمل على تبني قرارات تتعلق بأخذ ما هو جيد لدى الآخر. ثم فيما يتعلق بإعادة التحف الخاصة بالسكان الأصليين، فهذا ما يحصل مع كندا، وقد اتفقنا على ذلك.إن الخبرة التي عشناها مع السكان الأصليين في كندا كانت مثمرة جدا. وفي الولايات المتحدة يقوم اليسوعيون بشيء مماثل مع السكان الأصليين داخل الولايات المتحدة. لنعد إلى مسألة إعادة التحف. إذا كان هذا الأمر ممكناً، وضرورياً، من الأفضل أن يتحقق. أحياناً لا يمكن أن يحصل ذلك، إذ لا توجد الإمكانية السياسية أو الإمكانية الواقعية والملموسة. لكن إذا أمكن ذلك، فليتحقق، من فضلكم، لأنه يعود بالفائدة على الجميع، وكي لا نعتاد على وضع يدنا في جيوب الآخرين!
في معرض إجابته على سؤال بشأن المساعدة التي طلبها رئيس الوزراء الأوكراني من البابا كي يُعاد الأطفال الأوكرانيون الذين نُقلوا قسراً إلى روسيا قال فرنسيس: أعتقد أن المساعدة ممكنة لأن الكرسي الرسولي سبق أن لعب دور الوسيط في بعض عمليات تبادل الأسرى، من خلال السفارات وقد تكلل الأمر بالنجاح، وأعتقد أنه يمكن أن ينجح هذا الجهد أيضا. إنه أمر مهم، والكرسي الرسولي مستعد لذلك لأنها مسألة محقة، ولا بد أن نمد يد المساعدة، كي لا يتحول الأمر إلى مسبباً للحرب، بل إلى حالة إنسانية. إنها قضية إنسانية قبل أن تكون مسألة متعلقة بغنائم الحرب. كل المبادرات الإنسانية تساعد، بيد أن مبادرات القسوة لا تساعد. علينا أن نفعل كل مع هو ممكن إنسانياً. إني أفكر أيضا، واسمحوا لي أن أقول ذلك، بالنساء اللواتي يأتين إلى بلداننا: إيطاليا، إسبانيا، بولندا، المجر، كثير من النساء يأتين مع أطفالهن، فيما قُتل أزواجهن أو يحاربون على الجبهات. صحيح أن النساء يُساعدنَ في لحظات الحماسة هذه، لكن يجب ألا نفقد هذه الحماسة، لأنه عندها تبقى تلك النسوة بدون حماية، ويتعرضن لخطر الوقوع في أيدي الوحوش المفترسة التي تبحث عن ذلك. لنتنبه إلى عدم فقدان هذا الاهتمام في المساعدة حيال النازحين. ولا بد أن نفعل ذلك كلنا. شكرا.
(المصدر راديو الفاتيكان)