البابا فرنسيس يوجه رسالة إلى الأطفال لمناسبة اليوم العالمي الأول للأطفال الذي سيُحتفل به في شهر مايو
في الأحد ٨ ديسمبر ٢٠٢٣ أعلن قداسة البابا فرنسيس عن الاحتفال باليوم العالمي الأول للأطفال في ٢٥ و٢٦ مايو من العام ٢٠٢٤. ولهذه المناسبة وجه الأب الأقدس في ٢ مارس رسالة إلى الأطفال أعرب في بدايتها عن فرحه بتلقيهم هذه الرسالة ووجه الشكر إلى جميع مَن سيعملون على إيصالها. وتابع قداسته أنه يتوجه بهذه الرسالة في المقام الأول إلى كل طفل بشكل شخصي لأن كلّا منهم هو كريم في عينَي الله (اشعيا ٤٣، ٤) كما يعلمنا الإنجيل وكما أكد يسوع مرات كثيرة.
وواصل البابا فرنسيس أن رسالته هذه هي موجهة أيضا إلى الجميع لأنكم جميعا مهمون ولأنكم معا، ما بين قريبين وبعيدين، تُظهرون رغبة كل واحد منا في النمو والتجدد، كتب الأب الأقدس، وأضاف قائلا للأطفال إنهم يُذكروننا بأننا جميعا أبناء وأخوة وأنه لا يمكن لأحد أن يوجد بدون مَن يأتي به إلى العالم ولا يمكنه أن يكبر بدون أن يكون لديه آخرون يمنحهم المحبة وينالها منهم. وواصل البابا مؤكدا كون الأطفال جميعا، والذين هم فرح لوالديهم وعائلاتهم، فرحا للبشرية والكنيسة أيضا حيث كل واحد هو حلقة في سلسلة طويلة تمتد من الماضي إلى المستقبل وتغطي الأرض بكاملها. ومن هذا المنطلق ينصح الأب الأقدس الأطفال بالإصغاء بانتباه إلى ما يروي الكبار، أمهاتهم وآباؤهم وأجدادهم، كما ودعاهم إلى ألا ينسوا مَن يكافح من بينهم في سنه الصغيرة هذه ضد الأمراض والمصاعب، مَن هم ضحايا الحرب والعنف، مَن يعاني من الجوع والعطش، مَن يعيش على الطرقات، مَن يُجبَر على أن يكون جنديا أو يُضطر إلى الهرب ليصبح لاجئا بعيدا عن والدَيه، مَن لا يمكنه التوجه إلى المدرسة، ضحايا العصابات الإجرامية والمخدرات وغيرها من أشكال العبودية والانتهاكات، أي جميع هؤلاء الأطفال الذين تُسلب منهم بقسوة حتى اليوم طفولتهم. اصغوا إليهم، قال البابا فرنسيس وأضاف: بل لنصغيَّن إليهم، ففي معاناتهم يحدثوننا عن الواقع وذلك بعيون طهرتها الدموع وبالرغبة القوية في الخير التي تولد في قلب مَن رأى بالفعل كم هو سيء الشر.
ثم تحدث قداسة البابا إلى الأطفال الذين وصفهم بأصدقائه الصغار عن تجديد الذات والعالم، فقال إنه لا يكفي للقيام بهذا أن نكون معا فيما بيننا، فمن الضروري أن نكون في وحدة مع يسوع، فمنه نتلقى الكثير من الشجاعة وهو قريب منا دائما ويسبقنا روحه ويرافقنا على دروب العالم. ثم ذكَّر الأب الأقدس بكلمات يسوع “ها أنا ذا أجعل كل شيء جديدا” رؤيا ٢١، ٥)، وتابع البابا أنه اختار هذه الكلمات لتكون موضوع اليوم العالمي الأول للأطفال، كلمات تدعونا إلى أن نكون قادرين على لمس الجديد الذي يحفزه الروح القدس فينا وحولنا. وواصل الأب الأقدس مؤكدا أن بإمكاننا مع يسوع أن نحلم بإنسانية جديدة وأن نعمل من أجل مجتمع أكثر أخوّة وأكثر انتباها إلى بيتنا المشترك. وأشار البابا فرنسيس إلى أن العالم يتغير في المقام الأول من خلال الأشياء الصغيرة مضيفا أن صغرنا يُذكرنا بضعفنا وبحاجتنا أحدنا إلى الآخر كأعضاء جسد واحد.
لا يمكن من جهة أخرى أن نكون سعداء بمفردنا، كتب البابا فرنسيس للأطفال، وذلك لأن الفرح يكبر بقدر ما نتقاسمه، بالامتنان على ما نلنا وإشراك الآخرين فيه. وأضاف قداسته أنه كلما احتفظنا لأنفسنا فقط بما لدينا فإننا ننسى أن العطية الكبرى هي نحن أنفسنا، أحدنا للآخر، نحن هدية الله، قال البابا وأضاف أن الهبات الأخرى ضرورية ولكن لنكون معا. شدد الأب الأقدس أيضا على أن كل شيء يكون مختلفا حين نكون معا، وتحدث إلى الأطفال عن جمال أن يكونوا مع أصدقائهم للعب والاستمتاع واكتشاف أشياء جديدة معا بدون ترك أحد في الخلف، وأكد أن الصداقة جميلة وأنها تكبر فقط من خلال التقاسم والمغفرة والشجاعة والإبداع بدون خوف وبدون أحكام مسبقة.
ثم كشف البابا فرنسيس للأطفال عما وصفه بسر هام، ألا وهو أنه وكي نكون سعداء علينا أن نصلي، كثيرا وكل يوم، لأن الصلاة تربطنا بشكل مباشر مع الله وتملأ قلوبنا بالنور والدفء وتساعدنا على عمل كل شيء بثقة وصفاء. وذكَّر قداسته بأن يسوع أيضا كان يصلي إلى الله، الآب، وبأن يسوع قد قال لنا “فَحَيثُما اجتَمَعَ اثنانِ أَو ثلاثةٌ بِاسمِي، كُنتُ هُناكَ بَينَهم” (متى ١٨، ٢٠). ودعا الأب الأقدس الأطفال إلى الصلاة وذلك بتلاوة صلاة الأبانا التي علمنا إياها يسوع، ودعا إلى تلاوة هذه الصلاة كل صباح وكل مساء وفي العائلة، مع الآباء والأمهات والأخوة والأخوات والأجداد. وتابع البابا في ختام الرسالة مشيرا إلى أن يسوع الذي تألم من أجلنا على الصليب وصالحنا مع الآب يريد أن يواصل عمله في الكنيسة من خلالنا. ثم دعا البابا فرنسيس إلى الصلاة معا بهذه الكمات:
تعالَ أيّها الرّوح القدس،
وأظهر لنا جمالك المنعكس في وجوه أطفال الأرض.
تعال يا يسوع،
يا من تجعل كلّ الأشياء جديدة،
أنت الطّريق الذي يقودنا إلى الآب،
تعال وابقَ معنا.
آمين.
(راديو الفاتيكان)