أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس في الفاتيكان وقال بداية إنه يتوجه بفكره إلى بندكتس السادس عشر الذي كان معلّمًا عظيما للتعليم المسيحي. إن يسوع، المصلوب والقائم من الموت، الحي والرب، كان الهدف الذي قادنا إليه البابا بندكتس، ممسكًا بيدنا. وأضاف يقول: ليساعدنا كي نكتشف مجددا في المسيح فرح الإيمان ورجاء الحياة.
اختتم قداسة البابا فرنسيس في مقابلته العامة مع المؤمنين صباح اليوم الأربعاء سلسلة التعاليم المخصصة لموضوع التمييز متوقفًا عند “المرافقة الروحية” وقال إنها مهمة قبل كل شيء لمعرفة الذات التي هي شرط ضروري للتمييز. من الأهمية بمكان التعريف عن نفسنا – أضاف الأب الأقدس – بدون الخوف من مقاسمة الجوانب الأكثر ضعفا لافتًا إلى أن الضعف هو في الواقع غنانا الحقيقي الذي علينا أن نتعلم احترامه وقبوله، لأنه حين يُقدَّم إلى الله، يجعلنا قادرين على الحنان والرحمة والمحبة.
وأشار البابا فرنسيس إلى أنه حين تكون المرافقة الروحية مطيعة للروح القدس، فهي تساعد على كشف سوء الفهم في نظرتنا إلى أنفسنا وفي علاقتنا مع الرب، وأضاف أن الإنجيل يقدّم أمثلة عديدة لحوارات محرِّرة قام بها يسوع، ولفت على سبيل المثال إلى الحديث مع السامرية، ومع زكّا، ومع المرأة الخاطئة، ومع نيقوديموس، وتلميذي عماوس. وقال البابا فرنسيس إن الأشخاص الذين لديهم لقاء حقيقي مع يسوع لا يخشون من أن يفتحوا له قلبهم ويكشفوا عن ضعفهم. وأضاف أن التحدث أمام شخص آخر عمّا عشناه أو ما نبحث عنه يساعد على أن نكون واضحين مع أنفسنا، من خلال تسليط الضوء على “أفكار كثيرة تسكننا” وتقلقنا في غالب الأحيان مثل “أخطأت في كل شيء، لا قيمة لي، لا أحد يفهمني، محكوم عليّ بالفشل…” أفكار خاطئة ومسمّمة – قال البابا فرنسيس- لافتًا إلى أن الحديث مع الآخر يساعد على كشفها، فنتمكن من الشعور بأننا محبوبون من الرب كما نحن، قادرون على القيام بأمور جيدة من أجله. نكتشف بدهشة طرقًا مختلفة للنظر إلى الأمور، علامات خير كانت دائما موجودة فينا.
وتابع البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي لافتًا إلى أن مَن يرافِق لا يحل مكان الرب، ولا يقوم بالعمل بدلا من الشخص المرافَق، إنما يسير بجانبه ويشجّعه على قراءة ما يتحرك في قلبه، المكان الذي فيه يتكلم الرب. وأشار الأب الأقدس إلى أن هذه المرافقة تكون مثمرة إن كان لدى الجانبين خبرة “البنوّة والأخوّة الروحية”. نكتشف أننا أبناء الله عندما نكتشف أننا إخوة، أبناء الآب نفسه. ولهذا، من الضروري أن نكون في جماعة في مسيرة. لا نتوجه إلى الرب بمفردنا. وأضاف البابا فرنسيس، في إشارة إلى شفاء المقعد في إنجيل القديس مرقس (راجع مرقس ٢، ١ – ٥)، أننا غالبا ما نلقى الدعم ونُشفى بفضل إيمان أحد آخر؛ وفي أحيان أخرى نقوم نحن بهذا العمل من أجل أخ أو أخت. بدون خبرة البنوّة والأخوّة، قد تؤدي المرافقة إلى انتظارات غير واقعية، وسوء فهم وأشكال من التبعية تترك الشخص في حالة طفولية.
إن العذراء مريم هي معلّمة تمييز، قال البابا فرنسيس: تتكلّم قليلا، تصغي كثيرا وتحفظ في قلبها (راجع لوقا ٢، ١٩). وفي المرات القليلة التي تتكلم فيها تترك الأثر. وأشار إلى أن في إنجيل يوحنا جملة قصيرة قالتها مريم وتشكل تعليمًا لمسيحيي جميع الأزمنة: ” مَهما قالَ لَكم فافعَلوه” (٢، ٥). أن نفعل ما يقوله يسوع لنا. تعلم مريم أن الرب يتكلم إلى قلب كل واحد، وتتطلب أن تُترجم هذه الكلمة في أفعال وخيارات. وقد عرفت مريم أن تقوم بذلك أكثر من أي أحد آخر. وأضاف البابا فرنسيس يقول إن التمييز فنّ يمكن تعلّمه وله قواعده الخاصة. وإن تعلّمناه بشكل جيد، فإنه يتيح عيش الخبرة الروحية بطريقة أكثر جمالا على الدوام. إن التمييز هو قبل كل شيء عطية من الله، ينبغي أن نطلبها دائما، بدون اعتبار أنفسنا خبراء أو مكتفين ذاتيا.
وفي ختام مقابلته العامة مع المؤمنين صباح الأربعاء في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، قال البابا فرنسيس: يمكن التعرف دائما على صوت الرب، فله أسلوب فريد، إنه صوت يهدئ ويشجّع ويطمئن في المصاعب. ويذكّرنا الإنجيل بذلك باستمرار: “لا تخافي”، قال الملاك لمريم (لوقا ١، ٣٠). “لا تخافوا” إنه أسلوب الرب. “لا تخافوا!”، يقول الرب لنا اليوم أيضا. وكما يقول المزمور “كلمته مصباح لخطاي ونور لسبيلي” (راجع ١١٩، ١٠٥).
(المصدر راديو الفاتيكان)