Uncategorized

البابا فرنسيس: لنتبنى مقياس الله الذي هو المحبة بلا مقياس

أطل البابا فرنسيس، الأحد، من على شرفة مكتبه الخاص في القصر الرسولي ليتلو مع وفود المؤمنين المحتشدين في الساحة الفاتيكانية صلاة التبشير الملائكي وتوقف في كلمته عند مثل العاملين في الكرم، وقال: إن الله يحبنا حباً غير مشروط ومجانيا.

قال البابا فرنسيس: إن الإنجيل الذي تقترحه علينا الليتورجية اليوم يقدم لنا مثلاً مدهشًا: صاحب كرمٍ يخرج عند ساعات الفجر الأولى لغاية المساء، ليدعو بعض العمال، لكنه في نهاية المطاف يعطيهم جميعاً الأجر نفسه، حتى من عملوا لساعة واحدة فقط، إن ما فعله يبدو ضرباً من الظلم، لكن هذا المثل لا يمكن قراءته من خلال المعايير المتعلقة بالرواتب، لأنه يريد أن يُظهر لنا معايير الله، الذي لا يقوم بحسابات ترتكز إلى استحقاقاتنا، لكنه يحبنا كأبناء.

مضى الحبر الأعظم يقول: دعونا نتوقف عند عملَين إلهيَّين يبرزان من خلال هذه الرواية أولًا؛ إن الله يخرج في كل الساعات ليدعونا؛ ثانيًا؛ إنه يدفع للجميع “بالعملة” نفسها، إن الله إذا يخرج في كل الساعات ليدعونا، إذ يقول المثل إن صاحب الكرم خرج عند الفجر ليدعو عمالا يعملون في كرمه، لكنه يستمر في الخروج في كل ساعات النهار حتى مغيب الشمس، ليبحث عن الذين لم يجدوا عملاً بعد، هكذا نفهم أن العمال في المثل ليسوا الرجال وحسب، إنما الله قبل كل شي الذي يستمر في الخروج طوال اليوم دون كلل، هكذا يفعل الله: لا ينتظر جهودنا كي يأتي لملاقاتنا، لا يُخضعنا لامتحان كي يقيّم استحقاقاتنا قبل أن يبحث عنا، لا يستسلم إذا ما تأخرنا في التجاوب معه، بل على العكس، فقد خطا هو الخطوة الأولى وبواسطة يسوع خرج باتجاهنا، ليُظهر لنا محبته، وهو يبحث عنا طوال ساعات النهار، تلك الساعات التي تمثل المراحل والمواسم المختلفة من حياتنا، وصولًا إلى الشيخوخة، بالنسبة لقلبه لا يفوت الأوان أبدًا، إنه يبحث عنا وينتظرنا على الدوام، لا ننسين هذا الرب يبحث عنا وينتظرنا دائمًا.

وبما أن قلب الله واسع جدًأ فهو يدفع للجميع بالعملة نفسها التي هي محبته، هذا هو مغزى المثل: إن عمال الساعة الأخيرة تقاضوا الأجر نفسه الذي تقاضاه الأولون، لأن عدالة الله هي في الواقع تفوق عدالتنا، وتتخطاها، فالعدالة البشرية تقول إنه ينبغي أن يُعطى كل واحد حسب استحقاقاته بيد أن عدالة الله لا تقيس المحبة على ميزان انجازاتنا، أو أدائنا أو إخفاقاتنا: الله يحبنا وحسب، الله يحبنا وحسب، يحبنا لأننا أبناء، يحبنا محبة غير مشروطة ومجانية.

واستكمل البابا: قد تكون أحياناً علاقتنا مع الله علاقة “تجارية”، معولين على براعتنا عوضًا عن سخائه ونعمته، وأحيانًا يمكن أن نشعر ككنيسة أننا متفوقون على الآخرين، عوضًا عن الخروج في كل ساعات النهار فاتحين ذراعنا للجميع، وقد ندين الأشخاص البعيدين، دون أن نفكر أن الله يكن لهم أيضا المحبة نفسها التي يكنها لنا، وفي علاقاتنا أيضًا التي هي نسيج المجتمع نمارس عدلاً لا يستطيع أحيانًأ أن يخرج من قفص الحسابات ونكتفي في إعطاء الآخرين بحسب ما نلناه، دون أن نجرؤ على فعل المزيد، دون أن نراهن على فعالية الخير المجاني والمحبة المقدمة بقلب كبير.

ختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي طالبًا من المؤمنين أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانوا كمسيحيين يعرفون كيف يخرجون لملاقاة الآخرين، وإذا ما كانوا أسخياء مع الجميع وإذا ما كانوا قادرين على منح المزيد من الفهم والغفران، تماما كما فعل يسوع معنا، وكما يفعل معنا يوميا. وسأل العذراء أن تساعدنا على الارتداد لنتبنى مقياس الله، الذي هو المحبة بلا مقياس.

(راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى