Uncategorized

الأب رفيق جريش يكتب “الصليب الكريم المُحَيّي”

بمناسبة عيد اكتشاف الصليب الكريم المُحَيّي نتأمل في بعض الآيات المشهورة التي نرددها ربما دون أن نتعمق فيها مثل “من لايحمل صليبه ويتبعني فلا يستحقني” (متى 10 : 38 ) أو ” أن أراد أحد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني” (متى 16 :24 ) ولكن تأملنا اليوم في هذه الآية “من حفظ حياته يخسرها ومن خسر حياته من أجلي يحفظها” (متى 10 : 39 )، للأسف هناك تيارات جديدة تظهر فى الغرب وتتسرب إلينا خاصة شبابنا من خلال دروس التنمية البشرية أو شعار “ME TIME” هذا وقتي  أو “Power of Now” وأفكار “الـNew Age”.

والمسيحية لا تقول ألا يهتم الإنسُان بنفسه أو صحته ولكنها تقول “يأتي الاهتمام مع التجرد عن حب الامتلاك وعن حب الذات وعن عبادة الجسد”، فهناك بعض التيارات تقول “إن الإنسان يمتلك كل القدرات حتى قدرة الشفاء وأن الجسد هو ملكه وهو حر يفعل فيه ما يشاء”، ومن هنا تنطلق أفكار عن الإجهاض والمثلية دون ترك مساحة للرب أن يعمل أو أن يكون حاضرًا، ومن هنا عندما نتأمل في الآية سابقة الذكر “من حفظ حياته” (متى 10 : 39) – أي من حفظ “الأنا”، وحب الذات والأنانية ويضع الإنسان ذاته محور الحياة “فيخسرها”، يخسر أبديته ويخسر علاقته مع الرب والآخرين، أما تكملة الآية سالفة الذكر “ومن خسر حياته من أجلي يحفظها” (متى 10 :39 ) أي تجرد من الأنا والأنانية وحب الذات يحفظ أبديته وعلاقته مع الرب ومع الآخرين.

فحمل الصليب ليس فقط تحمل الآلام والمشقات والصعوبات والإضطهادات بل يخسر الإنسان نفسه أي لا يتأثر بفكر العالم المادي والاستهلاكي الملحد المُعَظِم للذات بل “أنتم من العالم لستم من العالم” (يو 15: 19)  أي أن يمُلح المسيحي العالم وينيره، للأسف أحيانًا كثيرة نستورد من العالم إلى حياتنا الروحية وعائلاتنا وكنائسنا الأفكار الغريبة عنا دون تمييز روحي حقيقي، بينما المطلوب أن نرسل ونصدر للعالم فكر الله.

وبهذه المناسبة أدعو نفسي وأدعوكم أن نتخلى ونتحرر ونتجرد من الأشياء التى ربما لا نستطيع أن نتحرر منها إلا إذا نظرنا إلى الصليب الكريم المُحَيّي الذى حرر الإنسان من خطيئته وضعفه وحدوده الإنسانية، وهكذا نعيش الصليب الذي يعطينا حياة جديدة وإنسانًا جديدًا وطاقة روحية متجددة (لصليبك يا سيد نسجد ولقيامتك المقدسة نُمجد) هللويا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى