هدف الأديان الرئيسي هو سعادة وخير الإنسان وفرحه وذلك من خلال؛ أولاً: علاقته الحميمة والشخصية مع ربه، ثانياً : انسجامه مع ذاته كإنسان، وثالثاً: علاقته مع الأفراد والآخرين، ودور الدين أن يهذب ويربي ويرتقي بالإنسان حتى يكون أكثر إنسانية، وكلما كان الإنسان أكثر إنسانية تكون علاقته أرقى وأنضج وأسعد في الدوائر الثلاث التي ذكرناها.
فالأديان وضعت ليرتقي الإنسان بنفسه ليبرهن من خلال أعماله إنها تحمل صفات الله من خلال أعمال “حب ورحمة وعدل وسلام”، هدف الأديان ليس في نقد بعضنا البعض بل في الارتقاء ببعضنا من خلال أعمالنا، فأعمال الإنسان تبرهن على إيمانه، ولكن الذي يحصل إنه برغم التقدم العلمي والتكنولوجي والفني.. إلى آخره، ومحاولة الكثيرين الوصول إلى درجة راقية من الإنسانية كما يريدها الله، إلا أن قوى الشر تجذب البعض إلى أسفل، وبدلاً أن يكون الإنسان أكثر إنسانية على النقيض يزداد توحشًا، ليس فقط في حب المال والسلطة والنفوذ وما إلى ذلك ولكن يزداد توحشاً مع أخوه الإنسان وذلك باسم الدين وفي ظنهم أنهم بذلك يحمون “الله” من الرعاع، فألبسوا الدين ثوب الصرامة بدلاً من الرحمة والجحود بدلاً من الدعوة الطيبة والترهيب بدلاً من المحبة، فهل نلوم من انصرفوا عن الدين خاصة الشباب.
هل يفيد أن يكون للأديان أتباع يخافون الله ويخشونه؟ لا أظن، أم من الأفضل أن تكون العلاقة الشخصية مع الله علاقة محبة فيها مخافة لله باختيار حر، هل يفيد الإنسان أن يلخص محبة الله في مجموعة طقوس يكررها دون فهم معناها ورموزها العميقة أو حتى علاقته بالآخرين تكون على أساس تصنيف الناس بين دين ودين أو حتى لا دين وبين طائفة وطائفة إلى أخر التصنيفات؟ ألسنا جميعاً أولاد إله واحد ومواطنين لوطن واحد؟، الأديان ليس في البحث عن أخطاء إيمان الآخرين، إنما في البحث عن نقائصك أنت وليس غيرك، هدف الدين ليس في نقد الأخر بل في السعي للكمال داخل نفسه هو وليس أي إنسان آخر.
إن الحروب التي نشهدها اليوم والتي تقع على أساس ديني أو عرقي أو أي تصنيف آخر لا يفيد إلا قوى الشر وذلك نتيجة الفهم الخاطئ للدين وينزل الإنسان من مكانته الرفيعة لأنه خليقة الله إلى شخص متوحش وهذا ما يجب أن نُعلمه ونُكون به شبابنا في مدارسنا وجامعاتنا وفي مساجدنا وكنائسنا، فيا أخي الإنسان كن إنساناً تؤنسني في فرحي وفي ألمي.
الأب رفيق جريش