أهم الاخبار

المجتمع المسيحي في غزة يواصل الصمود بين الصعوبات والأمل

بحزنٍ لا يطفئ الأمل، قدّم الأب جبرائيل رومانيللي، كاهن رعيّة العائلة المقدّسة في مدينة غزة، لمحةً عن الكفاح اليوميّ من أجل البقاء في القطاع المحاصر. حيث يبلغ سعر الطحين حوالي 18 يورو للكيلو، والطماطم حوالي 23 يورو، والبصلة الواحدة بين 12 و15 يورو. ويبلغ سعر كيلو السكر 100 يورو على الأقل. أما القهوة، سواءً كانت مُرّة أم لا، فهي بعيدة المنال تمامًا: لا يقل سعرها عن 250 يورو للكيلو!.

يقول رومانيللي: “دعوني أوضح، هذه الأسعار تكاد تكون نظريّة. قبل أن نتحدّث عن دفع ثمن أي شيء، علينا إيجاده. وهذا يكاد يكون مستحيلًا. عندما تتوفر، نعتمد على حدائق صغيرة مؤقتة من زمن الحرب، يرعاها مزارعون عفويون. لكن هذه الحدائق أصبحت نادرةً بشكل متزايد، مع نزوح معظم السكان نحو جنوب غزة.”

المساعدات على وشك النفاد

وحول ما يتدبّره الناس من طعام في هذه الأوقات العصيبة، أجاب الأب رومانيللي: “لقد أتاحت لنا المساعدات التي خزّنناها خلال الهدنة من إعالة أنفسنا خلال الأشهر القليلة الماضية، بل ومساعدة العديد من العائلات المسلمة التي تسكن جوار الرعيّة. ولكن بعد أن أوقفت إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانيّة في 3 مارس، لم يصل أي شيء آخر”.

ومنذ ذلك الحين، “اضطررنا للاحتفاظ بما تبقى لأنفسنا – وحتى في هذه الحالة، نُقنّنه بعناية. معظم المنازل القريبة من مجمع رعيّتنا أصبحت الآن خالية. من حولنا، لا يوجد سوى الموت والدمار. نعيش ليلًا ونهارًا على وقع دويّ القنابل، أحيانًا على بُعد بضع مئات من الأمتار من الكنيسة. إنه لأمرٌ غريب، ولكن بعد 21 شهرًا، أصبحت هذه الانفجارات المروّعة جزءًا من روتيننا اليومي.”

رعيّة العائلة المقدّسة

يوضح الأب جبرائيل؛ “أن عدد أبناء رعيّة العائلة المقدسة يبلغ الآن حوالي 500 شخص، ونُخيم في كل ركن من أركان الرعية. قبل 7 أكتوبر، كان هناك 1017 مسيحيًّا في غزة. تمكن حوالي 300 منهم من المغادرة عندما كان معبر رفح إلى مصر لا يزال مفتوحًا. لقي 54 شخصًا حتفهم – 16 منهم قُتلوا في قصف كنيسة القديس برفيريوس التابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس. توفي آخرون بسبب الحرب نفسها – أولئك الذين يعانون من أمراض القلب والسكري وأمراض أخرى لم يعد بإمكانهم الحصول على الأدوية الضرورية- لا يزال هناك حوالي 50 شخصًا من ذوي الإعاقة والأطفال المرضى يتلقون الرعاية المحببة من مرسلات المحبّة، راهبات الأم تريزا”.

وأقرّ الأب رومانيللي بالتعب والقلق العميقين اللذين خيّما على الجماعة، قائلًا: “نشعر بالوحدة شبه التامة في هذه المنطقة. الشيء الوحيد الذي يُبقينا مُتحدين ويمنحنا الأمل هو الصلاة. في هذه الظروف، قوة الصلاة عظيمة حقًا، فهي ما يُبقينا مُتحدين ويمنعنا من الوقوع في اليأس”.

واختتم الأب جبرائيل: “أن نُدرك أنّنا جزء صغير من شيء أعظم بكثير -الكنيسة العالميّة- وأن نُدرك أن أكثر من مليار مسيحي حول العالم يُصلّون من أجل هذه الجماعة الصغيرة المُتألمة، يُعطينا قدرة هائلة على الصمود. الطعام والدواء والوقود ضروريان لنا تمامًا كالصلاة نفسها. لولا صلاتنا، صلواتنا وصلواتكم، لما وصلنا إلى هذا الحد. إنّنا نعتمد عليكم”.

(راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى