
البابا: لنخرج من الاستقطابات ونبني الجسور في الكنيسة والعالم.. رغم ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل لم تكن هناك استجابة واضحة لتخفيف آلام سكان غزة.. لن أسمح بتمثيل بابا الفاتيكان بأفاتار اصطناعي
صدر كتاب بعنوان “لاوُن الرابع عشر: مواطن العالم، مُرسَل القرن الـ21” ويتضمّن النص الكامل للمقابلة التي منحها الحبر الأعظم لموقع Crux ومن بين المواضيع التي تطرّقت إليها المقابلة: “مأساة غزة، السياسة تجاه الصين، دور المرأة، استقبال الأشخاص من مجتمع الميم، قضايا الانتهاكات، الوضع المالي للكرسي الرسولي، الذكاء الاصطناعي والأخبار الكاذبة”.
ومن بين الأسئلة الأولى التي وُجّهت إلى البابا كان السؤال عن الوضع في قطاع غزة. ويشير إلى أنّه “رغم وجود ضغط ما” على إسرائيل من الولايات المتحدة، ورغم تصريحات الرئيس ترامب، “لم تكن هناك استجابة واضحة” لـ”تخفيف آلام السكان”. ويؤكد البابا أنّ هذا الأمر “مقلق للغاية” نظراً إلى الظروف التي يعيشها كثيرون، خصوصاً الأطفال الذين يعانون “الجوع الحقيقي”. ويرى أنّهم سيحتاجون في المستقبل إلى “مساعدات طبية كبيرة فضلاً عن المساعدات الإنسانية”. ويأمل ألا نصبح “غير مبالين” لما يحدث في القطاع: “من المروّع رؤية تلك الصور على شاشات التلفزيون… لا يمكن تحمّل هذا الكم من الألم”.
الصين طرفاً عالمياً أساسياً
وفي سياق الجغرافيا السياسية أيضاً، ينظر البابا لاوُن إلى الصين باعتبارها طرفاً عالمياً أساسياً، مؤكداً استمراره في “السياسة التي اتبعها الكرسي الرسولي منذ سنوات”، من دون ادعاء “الحكمة أو الخبرة” أكثر من أسلافه. ويشير إلى أنه “في حوار مستمر منذ فترة مع عدة شخصيات صينية” ويسعى إلى “فهم أوضح لكيفية استمرار الكنيسة في رسالتها مع احترام الثقافة والمشاكل السياسية”، وكذلك احترام الجماعة الكاثوليكية التي “عاشت لسنوات طويلة نوعاً من الاضطهاد أو الصعوبات في عيش الإيمان بحرية”. ويعترف البابا بأنّ “الوضع معقد للغاية”.
مجتمع الميم والنساء
فيما يخصّ الأشخاص من مجتمع الميم والنساء، فيوضح البابا أنه لا يريد تشجيع أي استقطاب داخل الكنيسة. ويشير إلى وثيقة Fiducia Supplicans مبيّناً أنّ مضمونها الأساسي هو “نعم، يمكننا أن نبارك الجميع، لكن لا ينبغي أن نسعى إلى طقس يضفي طابعاً احتفالياً على أي بركة من هذا النوع”. وإذ يعانق رسالة البابا فرنسيس إلى استقبال الجميع يؤكد البابا لاوُن أن الجميع “مدعوون” لا بسبب “هوية محدّدة” بل لأنهم “أبناء الله”، من دون أن يعني ذلك تغيير العقيدة: “أجد من غير المرجح، بالتأكيد في المستقبل القريب، أن يتغير تعليم الكنيسة حول موضوع الجنس والزواج”، مشيرًا إلى أنّ الزواج هو “اتحاد بين رجل وامرأة” “يتبارك في سرّ الزواج”. وبخصوص كهنوت المرأة، يؤكد أنّه “سيسير على خطى البابا فرنسيس في تعيين النساء في مناصب قيادية على مستويات مختلفة في حياة الكنيسة”، لكنّه لا يعتزم تغيير التعليم الكنسي حول ما يسمّى بالشمّاسات.
وفي ملف الإصلاحات، أعلن البابا عن نيته اتخاذ “قرارات” تتعلق بـ”تفكيك أو إعادة تشكيل” طريقة عمل الدوائر الفاتيكانية، موضحاً أنّ ما يُسمى بـ “العقلية الانعزالية” بين الدوائر قد سبّب أحياناً “أضراراً كبيرة” لعمل الحوكمة الكنسية. ويتناول البابا أيضاً مسألة القداس التريدنتيني، معتبراً إياها “مشكلة” لأن البعض استغلّها كـ “أداة سياسية”، ويأمل في التوصل إلى حلّ “بروح السينودسية” بعد حوار مع أنصار هذا الطقس.
قلق إزاء الذكاء الاصطناعي
واختتم البابا متطرّقاً إلى ظاهرة الأخبار الكاذبة واصفاً إياها بـ “الهدّامة”، ومعبّراً عن قلقه إزاء الذكاء الاصطناعي الذي يستثمر فيه “الأثرياء جداً” متجاهلين “قيمة الإنسان”. ويؤكد أنّه “على الكنيسة أن تتدخل” أمام خطر أن “يمضي العالم الرقمي في طريقه” بحيث نصبح جميعاً “مجرد بيادق”. ويروي حادثة طلب فيها أحدهم إذنه لإنشاء “بابا اصطناعي” يتيح لكل شخص الحصول على مقابلة خاصة افتراضية، فأجاب: “لن أسمح بذلك. إذا كان هناك شخص لا ينبغي تمثيله بأفاتار، فأقول إن البابا هو على رأس القائمة”.
(راديو الفاتيكان)