
البابا لاوُن: سيسألنا الله عمّا إذا كنا قد اعتنينا بالعالم الذي خلقه
بمناسبة الذكرى العاشرة لصدور الرسالة العامة “كُنْ مُسبّحًا” للبابا فرنسيس حول العناية بالبيت المشترك – البيئة، ألقى البابا لاوُن كلمة أمام المشاركين في مؤتمر Raising Hope الذي نظّمته حركة “كُن مُسبّحًا”. وفي كلمته، عبّر الحبر الأعظم عن امتنانه لإرث رسالة البابا فرنسيس العامة، مشيرًا إلى أنها ألهمت المدارس والأبرشيات والبرامج الأكاديمية والحوار الدولي. وقال: “لقد امتد تأثيرها إلى القمم الدولية، والمبادرات بين الأديان، والأوساط الاقتصادية والتجارية، وكذلك الدراسات اللاهوتية والأخلاقية الحيوية”. وأضاف: أن عبارة “العناية ببيتنا المشترك” أصبحت، قبل كل شيء، تعبيرًا راسخًا متداولًا في الأبحاث الأكاديمية والخطابات العامة عبر الشعوب والقارات.
ومستعيدًا إنجازات العقد الماضي، شدّد البابا على أن التحديات التي أشارت إليها هذه الرسالة “أصبحت أكثر إلحاحًا اليوم مما كانت عليه قبل عشر سنوات”. وأوضح: أن هذه التحديات ليست سياسية واجتماعية فحسب، بل روحية أيضًا، مما يستدعي ما دعا إليه البابا فرنسيس بـ”ارتداد القلب.”
وبيّن قداسته أن القلب بحسب الكتاب المقدّس ليس مركز المشاعر والعواطف فحسب، بل هو أيضًا “الموضع الذي تتم فيه أعمق عمليات البحث، وفيه يُكتشف هوية الإنسان الحقيقية، وتُصاغ القرارات. وفقط بالعودة إلى القلب يمكن أن يتحقق تحوّل بيئي حقيقي”. وأضاف: أن هذا الارتداد يعني الانتقال “من جمع البيانات إلى العناية؛ ومن الخطاب البيئي إلى أنماط حياة تستلهم الإيمان ومحبة الله”.
ماذا سيكون جوابنا؟
واستشهد قداسته بوصف البابا فرنسيس للقديس فرنسيس الأسيزي، مذكّرًا المشاركين بأن الاهتمام بالبيئة والعدالة تجاه الفقراء والالتزام الاجتماعي والسلام الداخلي هي أمور لا تنفصل عن بعضها. وإذ نظر إلى القمم العالمية المقبلة، ومنها مؤتمر الأطراف COP30 ومؤتمر الأمم المتحدة حول المياه 2026، دعا البابا القادة إلى الإصغاء إلى صرخات “الأرض والفقراء، والعائلات، والشعوب الأصلية، والمهاجرين القسريين، والمؤمنين في أنحاء العالم”.
وفي ختام كلمته، طرح البابا السؤال: “سيسألنا الله عمّا إذا كنا قد اعتنينا بالعالم الذي خلقه، ورعينا إخوتنا وأخواتنا. فما سيكون جوابنا؟”.
(راديو الفاتيكان)
خلال مؤتمر “لاجئون ومهاجرون في بيتنا المشترك”..البابا يُعلن عن خطة عمل للسنوات الثلاث القادمة حول 4 ركائز أساسية لمساعدة المهاجرين وتلبية احتياجاتهم
وجه البابا لاوُن خطاباً، 2 أكتوبر، خلال استقبال المشاركين في مؤتمر دولي بعنوان “لاجئون ومهاجرون في بيتنا المشترك”، متوقفًا عند أهمية تعزيز ثقافة المصالحة في مجتمعات اليوم من أجل مواجهة عولمة الاستسلام. وأعلن البابا انطلاق المشروع على مدى السنوات الثلاث المقبلة يهدف إلى إطلاق خطة عمل تتمحور حول ركائز أربع أساسية: التعليم، البحث، الخدمة والمناصرة، معتبراً أن ضيوفه يسعون بهذه الطريقة إلى تلبية النداء الذي أطلقه البابا فرنسيس إلى العالم الأكاديمي كي يساعد الأخوة والأخوات المهاجرين وتلبية احتياجاتهم ضمن مجالات اختصاصه.
وشدد البابا على ضرورة أن تتكاتف جهود شخصيات ناشطة في مختلف المجالات بغية مواجهة التحديات المطروحة اليوم أمامنا، نتيجة ارتفاع عدد الأشخاص المهاجرين واللاجئين والذي يُقدر اليوم بـ100 مليون نسمة. وأمل لاون أن تفضي النقاشات إلى إطلاق أفكار ومقاربات جديدة على هذا الصعيد، مع السعي دائماً إلى وضع كرامة كل كائن بشري في محور كل حل.
موضوعان أساسيان في خطة العمل
واقترح الحبر الأعظم على ضيوفه موضوعين أساسيين لا بد من دمجهما في الجهود المبذولة وفي خطة العمل، ألا وهما “المصالحة والرجاء”. وقال: إن من بين العراقيل التي نجدها أمامنا، عندما نتعامل مع الصعوبات المتصلة بهذه الظاهرة، مواقف اللامبالاة من قبل المؤسسات والأفراد على حد سواء. وذكّر بأن البابا فرنسيس تحدث في أكثر من مناسبة عن عولمة اللامبالاة، عندما يصبح الناس معتادين على معاناة الآخرين ولا يسعون إلى التخفيف منها. وهذا الأمر، يمكن أن يقود إلى ما سماه بـ”عولمة الاستسلام”، عندما نقف مكتوفي الأيدي، ونلزم الصمت وتخالجنا مشاعر الحزن، ونعتقد أنه لا حول لنا ولا قوة إزاء المعاناة التي يتعرض لها الأبرياء.
ثقافة التلاقي
لم تخلُ كلمات البابا لاوُن من الحديث عن ثقافة التلاقي التي تطرق إليها مرات كثيرة البابا فرنسيس، مؤكدًا أنها تشكل ترياقاً لعولمة اللامبالاة، وأضاف البابا: أننا مدعوون أيضًا إلى مواجهة عولمة الاستسلام من خلال تعزيز ثقافة المصالحة. وقال: إننا عندما نلتقي مع الآخرين نساهم في تضميد الجراح، ونغفر لبعضنا البعض على الشرور التي ارتكبناها، وتلك التي لم نرتكبها لكننا نحمل آثارها لغاية اليوم. ولفت إلى أن هذه العملية تتطلب صبراً والاستعداد للإصغاء إلى الآخرين، والقدرة على التماهي مع آلام الآخر، والإقرار بأننا نتقاسم الأحلام والآمال نفسها.
اقتراح طرق واقعية وملموسة للمصالحة
من هذا المنطلق شجع الحبر الأعظم ضيوفه على اقتراح طرق واقعية وملموسة من أجل تعزيز سياسات المصالحة، خصوصًا في المناطق حيث ولّدت الصراعات الطويلة الأمد جراحات عميقة. وهذه المهمة ليست سهلة، لكن إذا تكللت بالنجاح الجهود الهادفة إلى إحداث تغيّر دائم، لا بد أن تشمل الطرق الكفيلة بملامسة القلوب والعقول.
وقال البابا لاوُن للمشاركين في المؤتمر: إنه ينبغي أن يتذكروا، في صياغتهم لخطة العمل، أن المهاجرين واللاجئين يمكن أن يكونوا شهوداً مميزين للرجاء بفضل قدرتهم على الصمود وثقتهم بالله، كما جاء في رسالة الحبر الأعظم لمناسبة اليوم العالمي الـ111 للمهاجرين واللاجئين. وذكّر بأن هؤلاء الأشخاص يحافظون غالباً على قوتهم فيما يبحثون عن مستقبل أفضل، على الرغم من كل العراقيل التي تعترض طريقهم.
وأكد الحبر الأعظم أنه في وقت نستعد فيه للاحتفال بيوبيلَي المهاجرين والرسالات خلال السنة المقدسة، يودّ أن يشجع كل واحد من ضيوفه على أن يكونوا مثالاً وقدوة للرجاء وسط الجماعات التي يخدمونها، لأنه بهذه الطريقة تصبح تلك الجماعات مصدر إلهام للآخرين، وتساهم في إيجاد سبل لمواجهة التحديات التي تعترض حياتهم. وقال البابا لضيوفه مختتمًا: إنه يصلي كي يُلهمهم الروح القدس ويواصلوا العمل من أجل التوصل إلى حلول شاملة تعزز ثقافة التلاقي والمصالحة والتضامن الأخوي بشكل يعود بالفائدة على الجميع.
(راديو الفاتيكان)