أهم الاخبار

البابا لاوُن: السينودسية هي الترياق ضد الاستقطابات.. في أول حوار صحفي لبابا الفاتيكان: الديمقراطية ليست بالضرورة الحل المثالي لكل شيء.. ويُحذر من الفجوة المتزايدة بين دخول الطبقة العاملة والأغنياء

في المقابلة الأولى منذ انتخابه حبرًا أعظم، نشرت مجلتا Crux وEl Comercio بعض المقتطفات من مقابلة أجرتها مع البابا لاوُن، والتي صدرت ضمن كتاب بعنوان “لاوُن الرابع عشر: مواطن العالم، مُرسَل القرن الحادي والعشرين” في 18 سبتمبر الجاري. حيث تحدث الحبر الأعظم عن دوره وجهود الكرسي الرسولي من أجل السلام، وتجديد دعوته إلى الحوار، كما أشار إلى تراجع التعددية وتزايد الفجوة بين الأغنياء والطبقة العاملة. وعن السينودسية يقول: إنّها طريقة عيش الكنيسة معاً، وهي الترياق ضد الاستقطابات.

وبمناسبة عيد ميلاد البابا السبعين، نُشرت مقتطفات تكشف تفاصيل غير معروفة عن روبرت فرنسيس بريفوست، بداية من دور البابا، وكثرة التزاماته، والبعد العلني حتى للمكالمات الهاتفية، ثم يتحدث عن السلام الذي دعا إليه منذ ظهوره الأول من على شرفة البازيليك الفاتيكانية، والذي يشكّل “الجواب الوحيد” في عالم تطبعه الصراعات و”القتل العبثي”، إضافة إلى الدعوة إلى الحوار والسينودسية بوصفها “ترياقاً” للاستقطاب، وصولاً إلى إشارة لهويته الأميركية البيروفية وتشجيعه خلال كأس العالم.

بدأ الحديث حول انتماء بابا الفاتيكان المزدوج إلى الولايات المتحدة، أرض الميلاد، وبيرو، أرض الرسالة. قائلًا: “من الواضح أنّني أميركي وأشعر بأنني أميركي جداً، لكنني أحب أيضاً بيرو والشعب البيروفي، وهذا جزء ممّا أنا عليه. قضيت نصف حياتي في الخدمة هناك، لذا فالنظرة اللاتينية الأميركية بالنسبة إليّ ثمينة جداً”.

وعن جلوسه على كرسي بطرس منذ 8 مايو، أكد البابا أنّ أمامه “طريقاً طويلاً ليتعلّم”. وإذا كانت الناحية “الرعوية” حتى الآن هي الأسهل، فهو يعترف بأنّه “مندهش” من كونه قد وجد نفسه فجأة “على مستوى القادة العالميين”. كل شيء علني: “فالناس يعرفون بالمكالمات أو اللقاءات التي أجريتها مع رؤساء دول وحكومات مختلفة حول العالم”. ويضيف أنّه يتعلّم كثيراً عن الدور الدبلوماسي للكرسي الرسولي: “كلّ هذه أمور جديدة عليّ… أشعر بحافز كبير، لكن ليس مثقلاً”.

الجواب الوحيد هو السلام

أما في ما يتعلّق بالدفاع عن السلام، وعند سؤاله عن الحرب في أوكرانيا، يذكّر البابا أولاً بالنداءات التي أطلقها في الأشهر الماضية، ورفع صوته ليكرر أنّ “الجواب الوحيد هو السلام”. ويضيف: “بعد هذه السنوات من القتل العبثي للناس من كلا الجانبين –في هذا النزاع بالذات، ولكن أيضًا في نزاعات أخرى– أعتقد أنّه يجب إيقاظ الناس بطريقة ما ليقولوا إنّ هناك طريقاً آخر لحلّ القضايا”. وعن اقتراح الفاتيكان كوسيط للنزاعات واستضافة مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، أكد البابا أنّ “الكرسي الرسولي منذ بداية الحرب بذل جهوداً كبيرة ليحافظ على حياد حقيقي”.

وأشار الحبر الأعظم إلى أنّ الإلحاح اليوم هو أن “يمارس فاعلون مختلفون ضغوطاً كافية تدفع الأطراف المتحاربة إلى القول: كفى، لنبحث عن طريقة أخرى لحلّ خلافاتنا”. مضيفًا: “نستمرّ في الرجاء. لديّ ثقة كبيرة بالطبيعة البشرية”. ويعترف بأنّه “صحيح أنّ هناك فاعلين سيئين، وهناك إغراءات”، ولكن علينا أن “نُشجِّع الناس على النظر إلى القيم العليا” وأن نُصرَّ على القول “لنقم بالأمور بطريقة مختلفة”. وما يدعو إليه البابا في النهاية هو “الحوار”. وهو بنفسه يروّج له عبر استقبال قادة العالم والمنظمات الدولية. ويلاحظ في المقابلة: “من المفترض نظرياً أن تكون الأمم المتحدة المكان الذي تُعالج فيه مثل هذه القضايا. لكن يبدو أنّه بات من المُسلَّم به أنّ الأمم المتحدة، على الأقل في الوقت الراهن، فقدت قدرتها على جمع الأشخاص لمعالجة القضايا المتعددة الأطراف”.

ويؤكد البابا أنّه علينا “أن نذكّر أنفسنا بإمكانات البشرية في تجاوز العنف والكراهية التي تزيدنا انقساماً”. ويضيف أنّنا نعيش في أوقات استقطاب، خصوصاً بعد أزمة 2020، وأيضاً في زمن فقدان القيم: “قيمة الحياة البشرية، العائلة، والمجتمع. وإذا فقدنا معنى هذه القيم، فما الذي يبقى مهمًا؟”. كما يشير إلى “الفجوة المتزايدة بين دخول الطبقة العاملة والأموال التي يتقاضاها الأغنى”، قائلاً: “إنَّ الرؤساء التنفيذيون الذين كانوا قبل 60 عاماً يكسبون ربما من 4 إلى 6 أضعاف أجر العمال، وبحسب أحدث البيانات باتوا اليوم يكسبون 6600 ضعف ما يتقاضاه العامل العادي!”. وقال قداسته: إنّه قرأ أيضاً خبراً عن أن إيلون ماسك، رجل الأعمال الأميركي ومؤسس شركتي تسلا وسبيس إكس، “سيكون أول تريليوني في العالم”، ويتساءل: “ماذا يعني ذلك؟ عمّ نتحدث؟ إذا كان هذا الشيء الوحيد الذي بات له قيمة، فنحن في ورطة كبيرة!”.

الديمقراطية ليست بالضرورة الحل المثالي لكل شيء

وخصّص البابا حيّزاً واسعاً للحديث عن مفهوم السينودسية، الذي “يعني أن لكلّ عضو في الكنيسة صوتاً ودوراً يؤديه عبر الصلاة والتأمل… وعبر مسار محدد”. وأشار إلى أنّ “البعض شعر بالتهديد من كل ذلك”. موضحًا: “أحياناً قد يشعر أساقفة أو كهنة بأن السينودسية ستسلب سلطتهم، لكنها ليست كذلك”. ويضيف أنّها “طريقة لوصف كيف يمكننا أن نجتمع ونكون جماعة ونبحث عن الشركة ككنيسة، بحيث لا تكون الكنيسة متمحورة أساساً حول البنية الهرمية المؤسساتية، بل حول شعور الـ”نحن معاً”. ويؤكد البابا: أنّ هذا الموقف يمكنه أن “يعلِّم العالم الحالي الكثير”. ويختم قائلاً: “إنَّ الأمر لا يتعلّق بتحويل الكنيسة إلى نوع من حكومة ديمقراطية، لأنّنا إذا نظرنا إلى كثير من بلدان العالم اليوم، فالديمقراطية ليست بالضرورة الحل المثالي لكل شيء. بل الأمر يتعلّق باحترام وفهم حياة الكنيسة لما هي عليه، والقول: علينا أن نفعل هذا معاً”.

وفي المقابلة أيضاً تم الإشارة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026، وبخصوص أي فريق يُشجّع قداسته؟. أجاب البابا لاوُن: “ربما أشجّع البيرو، فقط بسبب الروابط العاطفية إن شئنا. أنا أيضاً مشجع كبير لإيطاليا، ويعرف الناس أنني من مشجعي فريق وايت سوكس، لكن كبابا أنا مشجع لجميع الفرق”.

(راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى