كرادلة العالم يلتقون، مع البابا فرنسيس، حول إصلاح الكوريا الرومانية
يشارك أقل بقليل من 200 كاردينالاً، من أصل 226 في مجمع الكرادلة، يومي الاثنين والثلاثاء 29 و30 اغسطس، في اجتماعات مغلقة دعا إليها البابا فرنسيس للتفكير في دستور “أعلنوا البشارة” الرسوليّ، وهي الوثيقة التي تعكس رؤية البابا الإصلاحيّة للكوريا الرومانيّة.
والكوريا الرومانيّة هي المؤسّسات الإداريّة والتنفيذيّة والاستشاريّة في الفاتيكان التي تُساعد الحبر الأعظم على إدارة مهامه المختلفة. فبحسب المجمع الفاتيكاني الثاني “فحتى تكون رسالة الحبر الرومانيّ الراعويّة ممكنة وفعّالة.. فإنّ البابا في ممارسته لسلطته العليا والكاملة والمباشرة على الكنيسة بأكملها، يستفيد من دوائر الكوريا الرومانيّة، التي تقوم بعملها باسمه وبسلطته لصالح الكنائس”.
وأشار موقع فاتيكان نيوز، إلى أنّه من المرجح أن يكون هذا الحدث هو أكبر اجتماع للبابا فرنسيس وأكثره حضورًا من حيث عدد المشاركين. فخلال ما يقرب من عشر سنوات من حبريته، لم يُعقد مثل هذا الاجتماع مطلقًا، ولم يُشاهد مثل هذا الحضور الواسع، إلا قبل ثماني سنوات فقط عندما دعا البابا إلى سينودس العائلة (2014-2015)، حيث دُعي إليه 180 أسقفًا وكاردينالًا.
هذا وسيشارك الكرادلة، إلى جنب مع بطاركة الكنائس الشرقيّة ورؤساء أمانة حاضرة الفاتيكان، في الاجتماعات التي ستُعقد في قاعة السينودس الجديد من خلال ثلاث جلسات عمل صباحيّة ومسائيّة، مع استراحة للغداء. وستختتم الاجتماعات مساء الثلاثاء 30 اغسطس، الساعة 5:30 مساءً بالتوقيت المحليّ، مع قداس يترأسه البابا فرنسيس في كاتدرائيّة القديس بطرس، مع الكرادلة الجدد، حيث لم يتمكن قداسته من الاحتفال معهم بسبب الزيارة الراعويّة التي قام بها مدينة لاكويلا، وسط إيطاليا، الأحد.
وتلّقى المشاركون جدول أعمال اللقاء في الأسابيع الأخيرة، وفيه يسرد المواضيع والأسئلة حول مختلف الجوانب المتعلقة بالوثيقة. وستعقد النقاشات على شكل مجموعات لغويّة، بعد ذلك سيكون لديهم لحظات من المناقشة في جلسات عامة تعقد في قاعة السينودس.
ودخل الدستور الرسوليّ حيّز التنفيذ في 5 يونيو الماضي، الموافق عيد العنصرة. ويظهر في النص الرسميّ العديد من الإصلاحات التي أقرّها بالفعل البابا فرنسيس على مدار السنوات الماضيّة، والتي تمّ دراستها وصياغتها من قبل مجلس الكرادلة الذي وضعه البابا مع بدء حبريته لتقديم الاستشارة في هذا الشأن.
ويقدّم الدستور جملة من التغييرات، بدءًا من دمج وإعادة تسميّة العديد من الدوائر الفاتيكانيّة. لكن، وقبل كل شيء، فإنّ “أعلنوا البشارة”، كما يوحي اسم الدستور نفسه، يُعطي بُنية إرساليّة أكثر للكوريا الرومانيّة، بحيث تكون في خدمة الكنائس المحليّة حول العالم.
فمن بين أبرز السمات الرئيسيّة للدستور الرسوليّ هو بُعده الإرسالي، بالتالي فهو مفتاح الإصلاح والتوجه الشامل للكنيسة في عصرنا. وعلى الرغم من تحديد التغييرات في الدوائر والمكاتب الفاتيكانيّة، فإنّ الدستور الرسوليّ “يوسّع” فعليًا حدود الكوريا الرومانيّة من خلال إنشاء علاقة مباشرة مع المجالس الأسقفيّة ومختلف الأبرشيات في قارات العالم الخمس.
كذلك، سيوفر اللقاء فرصة لأعضاء مجمع الكرادلة لتعميق معرفتهم وفهمهم لبعضهم البعض، يأتي البعض من أطراف العالم، ومن سياقات بعيدة. ولطالما ميّزت رؤية البابا فرنسيس العالميّة خياراته في تشكيل مجمع الكرادلة، وهذا ما نتلمسه بشكل مباشر في تسميته أعضاء المجمع، بحيث، ولأوّل مرة في تاريخها، أصبح هنالك تمثيلاً في أعلى هيئة استشاريّة في الكرسي الرسولي لدول: من تونغا إلى بروناي، ومن منغوليا إلى هايتي، ومن بنغلاديش إلى لاوس، إلى ليسوتو.
واليوم، يتكوّن مجمع الكرادلة من أعضاء متنوعين بشكل كبير من حيث الخلفيات الثقافيّة، والعقليات الراعويّة، والأماكن الجغرافيّة. بالتالي، ستتيح هذه اللقاءات، مع البابا فرنسيس، فرصة هامّة للحوار بينهم، كما وللتعرّف على بعضهم البعض بشكل أفضل.
(المصدر ابونا)