
مسيحيّو السويداء يطالبون بالحرّية والكرامة.. حصار وتهجير 130 عائلة مسيحية وإحراق 5 كنائس
تئنّ محافظة السويداء تحت حصار أعقب حمّام الدم الذي شهدته الشهر الماضي. فما حال كنائسها ومسيحييها الذين يتجاوز عددهم الـ25 ألف نسمة؟.. يُجيب على السؤال الأب طوني بطرس، خادم كنيسة فيليبس للروم الملكيين الكاثوليك في شهبا (مدينة تاريخية في السويداء) خلال وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: أنّ المسلحين اقتحموا نحو 36 قرية بينها 12 تحتضن حضورًا مسيحيًّا، فنهبوا البيوت والممتلكات وأحرقوا بعضها وهجّروا الأهالي أو قتلوهم بالرصاص أو ذبحًا، فيما لا تزال بعض الجثث في الشوارع بسبب استمرار وجود المسلحين.
وتابع الأب طوني: “ربّ أسرة مسيحي نجا من القتل. قال له المسلحون بعدما رأوا المسيح المصلوب في بيته: سنصلبك مثله، لكنّهم اكتفوا بسرقته وضربه بكعب البندقية”. وكشف أنّ الهجمات أدت إلى تهجير نحو 130 عائلة مسيحية من قراها، وإحراق ما لا يقل عن خمس كنائس هي: مار ميخائيل في الصورة الكبرى؛ ومار بولس في رضيمة اللواء؛ وكنيسة الصليب المقدس في تعارة؛ وكنيسة سيدة البشارة في المزرعة؛ وكنيسة القديس جاورجيوس في الدويرة. أما كنائس قرى الآصلحة ومجدل والدارة، فأشار بطرس إلى عدم امتلاكه معلومات مؤكدة عن حالتها.
ولم تقتصر المأساة على القرى. ففي مدينة السويداء نفسها، بين دوار العمران والحي الغربي، هُجِّرت نحو 40 عائلة مسيحية وأُحرقت منازلها أو سُرِقت، فيما عاش آخرون تحت الترويع والاعتداء اليومي داخل بيوتهم. وتعرّضت كنيسة الآباء الكبوتشيين لثلاث قذائف، وأُطلقت النيران على مطرانية الروم الأرثوذكس، لكنّهما واصلتا فتح أبوابهما لاستقبال النازحين. وفي شهبا أيضًا، استقبلت كنيسة فيليبس الرسول والكنيسة الإنجيلية المهجرين، ليصبح عدد مراكز الإيواء المسيحية أربعة في المحافظة.
هروب عشرات العائلات المسيحية
وبحسب الأب بطرس: ساعدت هذه المراكز المحتاجين بلا تمييز بين مسيحي وغيره. إلا أنّ شحّ المواد الغذائية والأدوية مستمر بسبب الحصار. أما الكهرباء فشبه غائبة، ولا تتجاوز التغذية بها ساعة ونصف الساعة يوميًّا في أفضل الأحوال، ما أجبر الأهالي على استخراج المياه القليلة من الآبار عبر مولدات تعمل على المازوت.
وقدّر بطرس أنّ عشرات العائلات المسيحية تمكّنت من الهرب إلى محافظات سورية أخرى أو إلى لبنان. وفيما يصعب تحديد عدد الشهداء المسيحيين، يرجّح بلوغه نحو 20 شخصًا. وأضاف: إخوتنا الموحدون الدروز تأذوا أكثر منّا. منذ قرون نعيش معًا في علاقة يسودها السلام والمحبة، لكنّ واقعنا اليوم مرير. أصحاب الدكاكين والعمال غير قادرين على العمل، والموظفون لا يتقاضون رواتبهم، والطلاب لا يواصلون دراستهم… حتى نتائج امتحاناتهم (الصف التاسع) لم تُعلن، وكأننا خارج حدود الوطن.
وختم الأب بطرس: “نوجّه نداءنا إلى الدول الكبرى أن تنظر إلينا بعين الإنسانية. أطفالنا يشبهون أطفالكم. نحن بشر مخلوقون على صورة الله. نريد لكل سوري أن يعيش بحريته وكرامته. ونرفع أيضًا صرختنا إلى كنائس العالم كي لا تنسانا. نحن متجذرون في المسيحية، ولا نريد أن نُترك، بل أن تمارس الكنائس ضغوطها على الدول المؤثرة”.
(آسي مينا)