أخبار مشرقية

ماتيو تسوبي: يمكن لأوروبا أن تصبح معلّمة للسلام

انعقدت في مدينة جوريتسيا من 22 وحتى 24 سبتمبر أعمال المجلس الدائم لمجلس أساقفة إيطاليا، برئاسة الكاردينال ماتيو ماريا تسوبي، رئيس أساقفة بولونيا. وقد ركّز الاجتماع على موضوعَي السلام والإدماج، انطلاقاً من القناعة بأن الحرب هي فشل السياسة والإنسانية، وهو ما جدّده الكاردينال تسوبي في كلمته الافتتاحية، مشيراً إلى أهمية انعقاد اللقاء في جوريتسيا، التي اختيرت مع نوفا غوريتسيا عاصمة أوروبية للثقافة 2025، باعتبارها أول عاصمة عابرة للحدود، بما تحمله من رسالة مصالحة وسلام.

أشار تسوبي إلى أن جوريتسيا، التي انقسمت بعد الحرب العالمية الثانية بين إيطاليا ويوغوسلافيا، شكّلت رمزاً لمدينة مقسّمة شبيهة ببرلين، ما يعلّمنا أن “لا شيء من الماضي يضيع، ولا توجد حدود لا يمكن تجاوزها”. واعتبر أن خيار الاتحاد الأوروبي بالتعاون بين سلوفينيا وإيطاليا هو ثمرة مسار طويل من المصالحة، ونتاج مشروع أوروبي قائم على السلام والتعاون، رغم التحديات التي تواجهه كتصاعد القوميات والابتعاد عن المواطن.

وركّز الكاردينال على الواقع العالمي، لا سيما الحرب في أوكرانيا والصراع في غزة، مؤكداً أن التوقعات المظلمة التي أشار إليها البابا فرنسيس في الرسالة العامة Fratelli tutti قد تحققت: “كل حرب تترك العالم أسوأ مما وجدته”. دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة، إطلاق سراح الرهائن، وحماية المدنيين، ودعم حل الدولتين كسبيل لمستقبل الفلسطينيين. كما أشار إلى أن الحرب في أوكرانيا مستمرة في ظل مناخ يسوده منطق القوة، وتراجع دور الأمم المتحدة.

أكد تسوبي أن السلام لا يأتي من الشعارات، بل من القرب، والاستقبال، والمصالحة، ومن كسر منطق الصراع الذي يغلق الأبواب أمام الحلول. وشدد على أن الكنيسة مدعوة إلى أن تكون بيتاً للسلام واللاعنف، وأن التربية على السلام هي اليوم فعل مقاومة ثوري، يبدأ من كل جماعة وكل فرد. كما دعا إلى تجاوز الاستقطابات، والتمسك بأبعاد الإنجيل التي تدعو إلى محبة الأعداء والعمل من أجل العدالة ورعاية الضعفاء، ورفض العنف بكل أشكاله.

وفي ما يتعلق بالحياة والكرامة، شدّد تسوبي على أن الكنيسة تدافع عن الحياة من بدايتها إلى نهايتها، داعياً إلى تطبيق قانون الرعاية التلطيفية بشكل كامل ومنصف في كل المناطق الإيطالية، باعتبارها تعبيراً عن محبة القريب. وأكّد أن لا يمكن أن تكون هناك مساومات أو استقطابات عندما يتعلق الأمر بالحياة.

وفي ختام كلمته، أشار الكاردينال إلى يوبيل الشباب الذي أقيم في “تور فيرغاتا”، حيث ظهر مجدداً توق الشباب إلى الروحانية والمعنى. كما سلط الضوء على إعلان قداسة بييرجورجيو فراسّاتي وكارلو أكوتيس، كنموذجين يلهمان الأجيال الجديدة للسير برجاء نحو المستقبل. وذكّر بكلمات البابا: “الصداقة هي درب نحو السلام”.

كما أعلن الكاردينال عن تأجيل الجمعية العامة لأساقفة إيطاليا من مايو إلى نوفمبر 2025، بهدف إعطاء مزيد من الوقت لإنضاج وثيقة تعبّر بأمانة عن المسار السينودسي، مؤكداً أن واجب الكنيسة اليوم هو زرع بذور الرجاء والعمل المتواضع والمثابر من أجل سلام عادل وأخوّة حقيقية بين الشعوب.

 (راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى