
قس سوري ينتقد الإعلان الدستوري لافتقاره إلى الحرية الدينية
أعرب القس نعيم يوسف، راعي كنيسة الاتحاد المسيحي في مدينة ديريك (المالكية) بمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا، عن رفضه لمسودة الإعلان الدستوري السوري التي تم تسريبها، الأربعاء، مشيرًا إلى أنها لا تضمن الحرية الدينية الحقيقية، بل تعمّق الانقسامات من خلال اعتماد الفقه الإسلامي كأساس للتشريع.
وكانت اللجنة المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري الانتقالي، التي شكّلها الرئيس السوري المؤقت أحمد الشراع في أوائل آذار، قد أعلنت عن المسودة يوم الخميس بعد توقيعها رسميًا من قبل شراع، وذلك بهدف توجيه المرحلة الانتقالية في سوريا بعد عقود من حكم عائلة الأسد وحزب البعث.
وأوضح راعي كنيسة في حديثه لوسائل الإعلام أن إدراج الفقه الإسلامي كمصدر أساسي للتشريع يتناقض مع مبدأ المواطنة الكاملة، حيث يجعل القوانين خاضعة للتفسيرات الدينية، ما يحدّ من الحريات. وأضاف أن مسألة الحرية الدينية في الإعلان الدستوري مجرد “حرية زائفة”، إذ إن “أي أمر يتعارض مع الفقه الإسلامي سيظل مرفوضًا”.
وأشار إلى أن الحرية الحقيقية تعني المساواة بين جميع المواطنين، مستشهدًا بحقيقة أن “المسيحي يمكنه اعتناق الإسلام، لكن المسلم لا يملك الحق في اعتناق المسيحية”، وهو ما اعتبره تناقضًا واضحًا مع مبادئ حقوق الإنسان.
من جانب آخر، أبدت العديد من الأطراف السورية والدولية قلقها من احتمال فرض حكومة انتقالية بقيادة هيئة تحرير الشام لسياسات دينية صارمة تهدد الأقليات مثل الأكراد والدروز والمسيحيين والعلويين. وقد دعا الأكراد في الشمال الشرقي والدروز في الجنوب إلى تبني نظام لامركزي وعلماني يضمن حقوق جميع المكونات.
المسيحيون تعرضوا لمضايقات لعدم صيامهم رمضان!
كما أشار راعي كنيسة إلى تصاعد التعديات على الحريات الشخصية في البلاد، حيث تعرّض بعض المسيحيين لمضايقات لعدم صيامهم خلال شهر رمضان، وظهرت مقاطع فيديو عبر الإنترنت تُظهر قيام متشددين بمضايقة مسيحيين. وأكدت منظمات حقوقية مسيحية مقتل أربعة مسيحيين على الأقل خلال هذه الأحداث.
تعرض المسيحيون الآشوريون والسريان في سوريا للاضطهاد لعقود، فقبل اندلاع الحرب في 2011، كان عدد الآشوريين يُقدّر بنحو 30 ألفًا من إجمالي 1.2 مليون مسيحي في البلاد، لكن الهجمات التي شنّها تنظيم داعش والفصائل المدعومة من تركيا أدت إلى نزوح أعداد كبيرة منهم، مما يهدد وجودهم في سوريا.
وفي سياق آخر، اندلعت اشتباكات في المناطق الغربية بين القوات الأمنية التابعة للقيادة الجديدة وعناصر موالية للنظام السوري، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل نحو 1500 شخص، معظمهم من الطائفة العلوية، نتيجة لهذه المواجهات. كما أكدت منظمات حقوقية مسيحية أن من بين الضحايا أربعة مسيحيين على الأقل.
وفي ديسمبر الماضي، شدد الرئيس المشترك لحزب الاتحاد السرياني، على ضرورة أن يضمن الدستور السوري القادم حقوق الأقليات المسيحية من السريان والآشوريين. كما انتقد طريقة إعداد مسودة الدستور، واصفًا العملية بأنها “أحادية الجانب” لاستبعادها مكونات أساسية من المجتمع السوري، مشيرًا إلى أنه سيتم تقديم اعتراضات رسمية فور الانتهاء من الصيغة النهائية.
في المقابل، أبدى دعمه للاتفاق الأخير بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ودمشق، والذي يعترف بالأكراد كجزء لا يتجزأ من المجتمع السوري، ويشمل وقفًا عامًا لإطلاق النار، إضافة إلى تسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية. ومن المتوقع تنفيذ الاتفاق بحلول نهاية العام الجاري وفقًا لما أعلنته الرئاسة السورية.
واختتم راعي الكنيسة حديثه بالتأكيد على أهمية بناء دولة تشمل جميع مواطنيها دون تمييز، مشددًا على أن خفض معدلات التطرف والتوتر يتطلب جيشًا وطنيًا وأجهزة أمنية تمثل جميع مكونات المجتمع تحت راية الوطن وليس تحت شعارات دينية.
(عنكاوا)