
رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق: إما نتماهى مع الأمم المتحدة وإلا فقدنا ما تبقى من النظام العالمي.. نأمل بعد الانتخابات الأمريكية يُقام حوار بين الصين وأمريكا يساهم تهدئة الأوضاع العالمية
ذكّر رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ورئيس المفوضية الأوروبية الأسبق رومانو برودي؛ بالنداء الذي أطلقه البابا فرنسيس مطالباً باحترام القبعات الزرق في لبنان، والمقصود بها قوة حفظ السلام الموقتة التابعة للأمم المتحدة في الجنوب اللبناني.
جاء تعليق “برودي” في أعقاب تصريحات للممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الذي وصف الهجمات ضد بعثة اليونيفيل في جنوب لبنان بأنها غير مقبولة، وذلك خلال مشاركته في مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد في لوكسمبورج، مشددًا على الدعم الذي تقدمه دول الاتحاد السبع والعشرون للبعثة الأممية للسلام في لبنان، وتزامنت تصريحاته هذه مع استمرار دعوات الجيش الإسرائيلي لسكان القرى الجنوبية إلى إخلائها، ومع مواصلة القصف الإسرائيلي على غزة، والذي شمل أيضًا مركزاً لتوزيع المساعدات الغذائية تابعاُ لهيئة الأونروا في شمال القطاع.
ولفت “برودي” إلى أن نداءات البابا فرنسيس المتكررة من أجل السلام، وكان آخرها بداية الشهر الجاري في أعقاب تلاوة التبشير الملائكي، تولّد لديه الأمل، مشيرًا إلى أن الوضع في المنطقة صعب جدًا، وإطلاق النار على الوحدات الأممية أمر لم نعتد عليه من قبل، وأضاف قائلًا: إما نتماهى مع الأمم المتحدة وإلا فقدنا ما تبقى من النظام العالمي الذي ما يزال قائماً.
وذكّر رئيس الوزراء الأسبق بأنه شارك هو شخصيًا في مهام هذه البعثة، بالتعاون مع الحكومة الإيطالية، وأمين عام الأمم المتحدة، وسُمي الاتفاق الذي تم التوصل إليه آنذاك مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية بالاتفاق الحديدي، لكونه حظي بموافقة الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية.
انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية
وقال “برودي”: إنه بعد سقوط جدار برلين، أن يعيش العالم مرحلة من الوحدة والتعاون، يبدو أن التوترات بدأت تنمو وبات العالم اليوم مقسّمًا إلى كتلتين: الكتلة الغربية من جهة وما تبقى من دول العالم من جهة ثانية، واعتبر أن هذا الوضع لا يعود بالفائدة على الغرب، كما أن باقي بلدان العالم تعيش مأساة حقيقية، مضيفًا أنه يتعين علينا اليوم أن ننتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ورأى أن نتنياهو يسعى إلى الإفادة من الارتباك الأمريكي، وبالتالي يبدو أن الظروف ليست ملائمة من أجل الحديث عن السلام.
ردًا على سؤال بشأن الاستراتيجية التي يتّبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال رومانو برودي: إن نتنياهو يسعى إلى احتلال الأرض كلها، وإلى طرد الفلسطينيين، فيما تجد الجماعة الدولية نفسها أمام الأمر الواقع، لافتًا إلى وجود حوالي نصف مليون مستوطن إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ما يدل على أن هذه الاستراتيجية تحققت. ولفت إلى التفوق العسكري الإسرائيلي إزاء عجز حماس وإيران وحزب الله عن تغيير مسار الأمور.
بعدها توفق برودي عند العبارة التي أطلقها البابا فرنسيس ألا وهي “حرب عالمية ثالثة مجزّأة”، مضيفًا أن هذا هو الواقع وللأسف. وقال: إن اهتمامنا منصب على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بيد أن منطقة الشرق الأوسط بأسرها تعاني من الاضطرابات، مشيرًا على سبيل المثال إلى ما يجري في السودان وفي البحر الأحمر، واعتبر أن ثمة حاجة إلى مؤتمر دولي لكنه في الوقت نفسه رأى أنه من السذاجة أن نعتبر أن هذا الأمر سيحصل في القريب العاجل. وتابع قائلا: آمل، بعد الانتخابات الأمريكية، أن يُقام حوار بين الصين والولايات المتحدة، يساهم بشكل ما في تهدئة الأوضاع.
وقال برودي: إن الهجمات التي تعرضت لها قوات حفظ السلام في لبنان إن دلت على شيء فهي تدل على غياب الدبلوماسية، مضيفا أننا نعيش اليوم زمن القوة، مع العلم أن عملية إضعاف الأمم المتحدة ليست وليدة الحاضر، بل هي عملية بدأت في الماضي ونمت بشكل تدريجي، ورأى أن القوى العظمى حلّت محل المنظمة الأممية، وأن مجلس الأمن ساهم في تهميش دور الجمعية العمومية.
ولفت رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق إلى أن الدبلوماسية تعاني من أزمة وأن السياسة اليوم تنظر على المدى القريب، إنها لا تنظر أبعد من الانتخابات، متحدثا عن غياب أي دفع من طرف الاتحاد الأوروبي من أجل التفكر بمستقبل المتوسط وبناء فضاءات مشتركة يعيش فيها الشبان وينمون معًا.
(راديو الفاتيكان)