أخبار مشرقية

خلال اللقاء الكاثوليكي الشيعي بروما: العالم في حاجة مُلحة للأديان شرط أن تكون التعاليم صالحة على العيش بسلام وفي إطار العدالة

في الذكرى السنوية الـ60 لصدور الإعلان المجمعي “في عصرنا” الذي أطلق الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والديانات غير المسيحية، اكتسب اللقاء الذي استضافته جماعة سانت إيجيديو -خلال اللقاء الكاثوليكي الشيعي في روما- ميزة هامة إذ عاد ليسلط الضوء مجدداً على التزام القادة الدينيين، المسيحيين والمسلمين، وبالتحديد الكاثوليك والشيعة، في إرساء أسس السلام في المجتمع المعاصر، خصوصًا إزاء التحديات الجديدة المطروحة أمامنا اليوم.

وقال رئيس جماعة سانت إيجيدو ماركو إمبالياتسو: إنه يندرج في سياق روح لقاء أسيزي الذي عُقد في مدينة القديس فرنسيس، برغبة من البابا يوحنا بولس الثاني عام 1986 وشهد مشاركة ممثلين عن ديانات العالم، واللقاء الأخير عُقد أيضًا في الذكرى السنوية العاشرة لأول مؤتمر للحوار بين الكاثوليك والشيعة، نظمته الجماعة في العام 2015 بمشاركة مسؤولين دينيين شيعة من العراق وبلدان أخرى في الشرق الأوسط.

وقال الكاردينال جاكوب كوفاكاد إن المؤتمر، الذي عُقد على مدار يومين، سلّط الضوء على “أهمية السلام في عالم اليوم”، وهو موضوع عزيز جداً على قلب البابا فرنسيس، وأضاف: أنه إذا ما نظرنا إلى الأحداث التي يشهدها عالمنا اليوم ندرك مدى أهمية السلام، تابع نيافته مذكرًا بأن السلام ليس غياب الحرب وحسب، لأنه أيضًا التزام روحي يهدف إلى بلوغ نظرة مشتركة للأديان تجاه مستقبل التنمية التي ينبغي أن نوفرها لأجيال الغد، ولفت إلى ضرورة أن يكون المستقبل مرتكزًا إلى الرحمة والاهتمام بالأشخاص الضعفاء والمتألمين، لاسيما الفقراء.

افتُتحت أعمال المؤتمر بمداخلتين لمؤسس جماعة سانت إيجيديو البروفيسور أندريا ريكاردي ولأمين عام معهد الخوئي “جواد الخوئي”، وتحدث البروفيسور ريكاردي عن التغيّر الذي بدأ يشهده عصرنا الحالي منذ نهاية الحرب الباردة والذي لم يحمل معه السلام والديمقراطية والازدهار، ولفت إلى أن العولمة ولّدت ظواهر كالنزعات القومية والعرقية العدائية، فضلًا عن الأصولية والتطرف الديني، في وقت تم فيه اللجوء إلى سياسات العدوان العسكري.

وذكّر بأن جماعات دينية عدة انجرت وراء هذه الصراعات، وكانت كثيرةً جداً محاولات استغلال الدين من قبل عالم السياسة، وأضاف ريكاردي: أن الواقع الصعب الذي يعيشه عالمنا اليوم يشير إلى الحاجة الملحة للأديان، شرط أن تكون التعاليم الدينية بمثابة بذرة صالحة، تربي ملايين المؤمنين على العيش بسلام وضمن إطار العدالة.

وأعاد المؤتمر إلى الأذهان اللقاءَ التاريخي الذي عُقد في النجف الأشرف بين البابا فرنسيس والمرجع الشيعي آية الله السيستاني خلال زيارة الحبر الأعظم الرسولية إلى العراق في مارس 2021، وذكّر البروفيسور ريكاردي المؤتمرين بأن عالمنا يختنق بدون حوار، وغياب الحوار هو السبب الكامن وراء منطق القوة والعنف الذي نشهده في عصرنا هذا، مشدداً على ضرورة ألا يقتصر الحوار على الكاثوليك والشيعة وحسب إذ لا بد أن يشمل أيضا العالم السني، تماشياً مع وثيقة الأخوة الإنسانية والعيش المشترك التي وقعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الأمام أحمد الطيب في أبو ظبي عام 2019.

من جانبه توقف جواد الخوئي عند البعد الإنساني الذي يميز الأديان، مسلطاً الضوء على الدور الأساسي للحوار من أجل مكافحة الجهل والفقر، وكعنصر ضروري بغية تعزيز حقوق الإنسان. وقال إننا لا نستطيع العيش بدون حوار، مذكراً بأن الروحانية التي تميّز الحوزة العلمية في النجف ترتكز إلى احترام الأديان والمرجعيات الدينية كافة، وأكد أن اللقاء التاريخي الذي عُقد بين البابا فرنسيس وآية الله السيستاني يشهد على الرغبة والقدرة المشتركة لجميع الديانات على ملء الفراغ الموجود في القلب. وأضاف الخوئي: أن الاحترام المتبادل الذي نؤمن به بشدة هو المفتاح الذي يضمن مبادئ المساواة واحترام الكرامة البشرية. وذكّر أيضًا بأن توطيد علاقات الصداقة مع الكرسي الرسولي ومع جماعة سانت إيجيديو سمح، خلال السنوات الماضية، بتعزيز القيم المشتركة من أجل إرساء أسس العدالة والسلام.

 (راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى