
خلال استقباله المشاركين في المجمع العامة لرهبنة القديس أغسطينوس.. البابا يؤكد على ضرورة عدم نسيان دعوتنا الإرسالية
بمناسبة انعقاد المجمع العام للرهبنة الأغسطينية توجه قداسة البابا لاوُن الرابع عشر، في 15 سبتمبر إلى المعهد الأغسطيني بالقرب من الفاتيكان حيث يُعقد المجمع ووجه كلمة أعرب في بدايتها عن سعادته لوجوده مع أخوته في الرهبنة. وأضاف: أنه يشعر بنفسه في بيته وبأنه يشارك هو أيضا داخليا في المجمع بروح تقاسم أخوي. ثم شكر الأب الأقدس الرئيس العام الذي أنهي خدمته كما ووجه التحية إلى الرئبس العام الجديد المنتخَب للتو.
وتابع قداسة البابا مشيرًا إلى كون المجمع العام فرصة ثمينة للصلاة والتأمل معًا حول العطية التي نلناها وواقع الكاريزما، وأيضًا حول التحديات والمشاكل التي تساءل الجماعة. وواصل: أن المجمع يعني أيضًا الإصغاء إلى الروح القدس في تماشٍ بمعنى ما مع ما قال القديس أغسطينوس حول أهمية البعد الداخلي في مسيرة الغيمان حين دعا إلى عدم الخروج من الذات، بل العودة إليها متحدثا عن كون الحقيقة تسكن دواخل الإنسان.
وأضاف البابا لاوُن: أن الداخلية ليست هروبا من المسؤوليات الفردية أو الجماعية أو من الرسالة التي أوكلها إلينا الرب في الكنيسة وفي العالم، أو من التساؤلات والمشاكل الملحة. فنحن نعود إلى داخلنا لنخرج بعد ذلك أكثر تحفيزًا وحماسة في الرسالة، وبهذا الدخول إلى الذات يتجدد الاندفاع الروحي والرسولي ونعود إلى ينبوع الحياة الرهبانية والتكرس للتمكن من تقديم نور لمن وضعهم الرب على طريقنا، كما ويتم هكذا إعادة اكتشاف العلاقة مع الرب ومع الأخوة في العائلة الرهبانية.
توقف البابا لاوُن بعد ذلك عند المواضيع التي يتطرق إليها الرهبان الأغسطينيون بعد تأمل موسع ومشترك لسنوات. وتحدث قداسته عن الدعوات والتنشئة الأولية، وعاد البابا هنا إلى دعوة القديس أغسطينوس: أحبوا ما ستكونون! وأضاف أن هذا توجيه ثمين وذلك في المقام الأول لتفادي السقوط في خطأ تخيُّل التنشئة الرهبانية كمجموعة من القواعد أو الأشياء التي يجب عملها أو كرداء جاهز نرتديه بشكل سلبي. وواصل البابا أن في مركز كل شيء هناك المحبة، فالدعوة المسيحية، والرهبانية بشكل خاص، تنشأ فقط حين نلمس جاذبية شيء كبير، محبة يمكنها تغذية القلب وإشباعه. يجب بالتالي أن يكون اهتمامنا الأول مساعدة الشباب بشكل خاص على أن يروا جمال الدعوة وعلى حب ما يمكنهم أن يصبحوا بمعانقتهم لها. ووصف قداسة البابا هنا الدعوة والتنشئة بمغامرة روحية تشمل الشخص بكامله، هي بالأحرى مغامرة محبة إزاء الله.
وأشار الأب الأقدس إلى أن القديس أغسطينوس قد وضع المحبة في مركز بحثه الروحي، وهي معيار أساسي أيضًا بالنسبة للدراسة اللاهوتية والتكوين الفكري. فلا يمكن أبدا الوصول إلى الله بمنطقنا فقط أو بسلسلة من المعلومات النظرية، بل بأن نندهش أمام عظمته وبأن نتأمل في أنفسنا وفي معنى ما يحدث للعثور على خطى الخالق، وفي المقام الأول كي نحبه وكي نجعل الآخرين يحبونه. وذكَّر قداسته بدعوة القديس أغسطينوس من يدرسون إلى السخاء والتواضع، وهما ثمرة المحبة.
ثم تحدث البابا لاوُن عن عطية المحبة الإلهية باعتبارها ما علينا أن ننظر إليه إن أردنا أن نعيش بأفضل شكل الحياة الجماعية والعمل الرسولي متقاسمين خيورنا المادية وأيضا الإنسانية والروحية. وشدد قداسته من جهة أخرى على ضرورة الأمانة للفقر حسب الإنجيل، والعمل على جعله المعيار لعيش كل ما نحن وكل ما لدينا في خدمة الرسالة الرسولية.
وأراد قداسة البابا التشديد على ضرورة عدم نسيان دعوتنا الإرسالية، وذكَّر بأن الأغسطينيين قد أعلنوا الإنجيل منذ سنة 1533 في مناطق كثيرة من العالم بشغف وسخاء معتنين بالجماعات المسيحية المحلية، مكرسين أنفسهم للتربية والتعليم ومتفانين من أجل الفقراء، وقد نفذوا الكثير من الأعمال الاجتماعية والخيرية. ودعا البابا الرهبان إلى عدم نسيان هذه الروح الإرسالية وإلى إنعاشها متذكرين أن رسالة البشارة تتطلب الشهادة لفرح متواضع وبسيط، والاستعداد للخدمة وتقاسم الحياة مع الشعب الذي نُرسَل إليه.
وفي ختام كلمته أعرب قداسة البابا للرهبان الأغسطينيين عن الرجاء في مواصلة العمل في المجمع بفرح وأخوّة وبقلب مستعد لاستقبال ما يوحي به الروح القدس. ثم أكد الأب الأقدس صلاته كي تلهم محبة الرب أفكارهم وأفعالهم جاعلة إياهم رسلا وشهودًا للإنجيل في العالم. طلب البابا بعد ذلك شفاعة مريم العذراء والقديس أغسطينوس ومنح الجميع البركة الرسولية.
(راديو الفاتيكان)