أخبار مشرقية

القطاع يتعرض لمأساة أخلاقية وإنسانية جسيمة

نداء إنساني من بطاركة وكنائس القدس دفاعًا عن كرامة ووجود أهل غزة

أدان مجلس بطاركة ورؤساء كنائس القدس، بيانًا بشأن الأحداث المتتالية على قطاع غزة، وما طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن خطته في التهجير القسري لسكان غزة إلى بلدان مجاورة، وقال الأباء البطاركة في بيان لهم؛ بصفتنا أمناء على الإيمان والضمير المسيحي في هذه الأرض المقدسة، نرفع أصواتنا بقلوب يملؤها الأسى وعزيمة لا تلين أمام المعاناة المستمرة التي تعصف بغزة. إنّ الدمار الذي تشهده هذه اللحظة أمام أنظار العالم يمثل مأساة أخلاقية وإنسانية جسيمة، إذ أزُهقت آلاف الأرواح البريئة، وتحوّلت مجتمعات بأكملها إلى أنقاض، فيما يواجه من هم أشد ضعفًا، الأطفال وكبار السن والمرضى، معاناة تفوق حدود الوصف.

واستكمل البطاركة؛ في ظل هذا الألم، نجد أنفسنا مدفوعين للحديث عن الخطر الداهم المتمثل في التهجير القسري الجماعي، وهو انتهاك صارخ يضرب في جوهر الكرامة الإنسانية، فإنّ أهل غزة، الذين توارثوا العيش في أرض أجدادهم عبر الأجيال، لا يجوز أن يُجبروا على المنفى، ولا أن يُجردوا من منازلهم وتراثهم وحقهم الأصيل في البقاء على أرضهم التي تشكل جوهر هويتهم ووجودهم. وكما يفرض علينا إيماننا المسيحي، لا بد أن نُعلي صوتنا أمام هذه المأساة، فالإنجيل يوصينا بالدفاع عن كرامة كل إنسان. إذ يقول الله في كتابه المقدس: “وَيْلٌ لِلذينَ يَسُنُّونَ شَرَائِعَ ظلُمٍ، وَلِلْكَتبَةِ الذِينَ يُسَجِلُونَ أحْكَامَ جَوْرٍ! ليَصُدوُّا الْبَائِسِينَ عَنِ الْعدَلِ، وَيَسْلُبُوا مَسَاكِينَ شَعْبيِ حَقَّهُمْ” (إشعياء ١٠: ١-٢).

في هذه اللحظة الحرجة، نعلن عن دعمنا الكامل لموقف الرئيس عبدالفتاح السيسي، جلالة الملك عبدالله الثاني، وغيرهم من القادة الذين تمسكوا بثبات واضح لا لبس فيه، في رفض أي محاولة لاجتثاث أبناء غزة من أرضهم، إن جهودهم الدؤوبة في تقديم المساعدات الإنسانية، ورفع نداء الضمير العالمي، والإصرار على حماية المدنيين تمثل أرقى صور القيادة المسؤولة.

وانطلاقًا من هذه الروح، دعا بطاركة القدس إلى الإفراج عن جميع الأسرى من الجانبين، ليعودوا سالمين إلى عائلاتهم. كما ناشدوا جميع المؤمنين، والحكومات، والمجتمع الدولي، بالتحرك الفوري والحاسم لوقف هذه الكارثة الإنسانية، فلا يمكن أن يكون هناك أي مبرر لاقتلاع شعب عانى من ويلات لا حدود لها.

وشدد البطاركة على ضرورة أن تسمو قدسية الحياة الإنسانية والواجب الأخلاقي في حماية المستضعفين على قوى الدمار واليأس، كما دعوا إلى فتح ممرات إنسانية فورية وغير مقيدة لتقديم الإغاثة العاجلة لمن هم في أمس الحاجة إليها. فالتخلي عنهم الآن هو تخلٍ عن إنسانيتنا المشتركة.

واختتم البيان؛ نرفع صلواتنا من أجل الثكالى، والجرحى، ومن بقي صامدًاً في أرض أجداده، نستذكر وعد الكتاب المقدس: “الَرَّبُّ عَاضِدٌ كلَّ السَّاقِطِينَ، وَمُقَوِمٌ كلَّ الْمُنْحَنِينَ” (مزمور ١٤٥: ١٤). ليمنح الله الرحيم القوة للمظلومين، ويلين قلوب أصحاب السلطة، وليشرق سلام عادل يصون الكرامة الإنسانية.

(أبونا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى