انتخاب المطران يوحنا بطريركًا ورئيسًا لأساقفة الكنيسة الأرثوذكسية في ألبانيا
انتخب المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الألبانية، الأحد الماضي، رئيسًا جديدًا للأساقفة، خلفًا لرجل الله أنستاسيوس الألباني، المعادل للرسل، الذي أعاد إحياء الكنيسة الألبانية بعد الاضطهاد العنيف الذي تعرضت له خلال الحقبة الشيوعية المعادية للدين.
جاء انتخاب رئيس الأساقفة الجديد بعد القداس الإلهي، الذي اشترك فيه جميع مطارنة الكنيسة الألبانية، في كاتدرائية القيامة، التي بناها رئيس الأساقفة الراحل، والتي تضم قبره. وقد تحلق المطارنة حوله قبل بدء جلسة الانتخاب، في مشهد يذكر بانتخابات الزمن الرسولي، حيث ارتأى الروح والمجتمعون أن يخلف المطران يوحنا، التلميذ الحبيب لأنستاسيوس، والذي رافقه منذ لحظة دخوله إلى ألبانيا، معلمه على كرسي رئاسة أساقفة تيرانا وكل ألبانيا.
ورئيس الأساقفة الجديد، وفقًا لمن يعرفونه، ينحدر من عائلة ذات أصول ألبانية تتبع تقليد الدراويش. اعتنق الأرثوذكسية خلال زمن الاضطهاد، وتعمد سرًا على يد الكاهن الوحيد الذي كان يقيم الأسرار في ألبانيا، حيث كان يستخدم حبلًا يربطه على رقبته كبطرشيل ليتمكن من إقامة الخدم الإلهية داخل قبو منزله.
درس علم النفس، وخدم في مستشفى الأمراض العقلية في تيرانا، حيث اعتنى بالمرضى، وكان بعضهم مسيحيين ادّعى أهلهم أنهم مختلون عقليًا لتجنيبهم الاعتقال أو القتل. وفي المستشفى ذاته، تعرض لخطر الاعتقال بسبب وشاية أفادت بأنه مسيحي ويحتفظ بالإنجيل، لكن مدير المستشفى حال دون تفتيش مكتبه، مما أنقذه من الاعتقال.
بعد ذلك، سافر بمنحة دراسية إلى الولايات المتحدة، حيث درس اللاهوت في معهد الصليب المقدس في بوسطن، قبل أن يعود إلى ألبانيا في مطلع التسعينيات ليخدم إلى جانب رئيس الأساقفة الراحل، الذي رسمه أول أسقف ألباني في البلاد بعد اضطهاد الكنيسة. ومنذ ذلك الحين، ظل يخدم في ألبانيا بإخلاص، ويتتلمذ على معلمه.
في أحد الأيام، وعندما سُئل عن سبب عودته من الولايات المتحدة إلى ألبانيا، أجاب: «هذه بلادي. هذه هي الكنيسة التي تحتاجني حقًا. هنا يمكنني أن أُحدِث فرقًا. نعم، الأمور صعبة هنا، لكن أين ليست صعبة؟ هنا تعمدت، وهنا تناولت الأسرار المقدسة للمرة الأولى.
كان هناك العديد من الأصدقاء الطيبين الذين ظنوا أنني مجنون بالعودة، وهناك أشخاص هنا يعتقدون الشيء نفسه – بل إن البعض يقول إنني جاسوس لوكالة المخابرات المركزية (CIA) أو أنني أتلقى أموالًا طائلة لكوني أسقفًا. وإلا، فلماذا أعود؟ لا يستطيعون تخيّل أي دافع آخر سوى المكسب المالي.
لكن ماذا يمكننا أن نقدم للعالم كمسيحيين أرثوذكس؟ ليس المال، بل روح التضحية. يجب أن نعلم الناس المسؤولية التي ترافق الحرية – الكلمة الألبانية هي “ليريا”. كلمة في غاية الأهمية».
رئيس الأساقفة يوحنا، كسلفه ومعلمه، خادم للكلمة وللفقراء، ويرى أنه «من خلال أنستاسيوس، تمكن من رؤية مثال ثابت على كيفية الجمع بين الإخلاص لله وخدمة الإنسان».
لقد منح الله كنيسة ألبانيا راعيًا على حسب قلبه، ليخلف من أعاد إحياء هذه الكنيسة، والذي قال يومًا: «أنا مجرد شمعة مضاءة أمام الأيقونة. أنا أضيء حتى يتمكن العالم من رؤية الأيقونة. في يوم من الأيام ستنطفئ شمعتي. وعندما يحدث هذا، يجب أن يأتي شخص آخر ويضيء شمعته أمام الأيقونة. ما يهمّ هو الأيقونة، وليس الشمعة التي تضيئها».
(وكالات)